المحنة والمنحة

المحنة والمنحة

        محمد بلال

إن الحالة العربية المزرية اليوم، هي من أسوء حالات التشرذم والتشتت العربي على مرّ العصور، ولكنها على سوئها الواضح خلّفت إيجابيات لا نستطيع نكرانها، وسيكون لها الأثر الأكبر في تغيير الواقع المرّ ورسم الطريق لاجتيازه وصولاً إلى حالة الإرتقاء المنشودة، ومن أهم إيجابياتها أنها

١_عرّت المجتمع العربي أمام نفسه، وأبطلت مفاعيل الشعارات الفضفاضة التي كنّا نتغنى بها على مدى قرن من الزمان، وكشفت أن تلك الشعارات ما كانت إلا لتخدير العقول وتنفيس إحتقان الأنفس الكريمة الصادقة، لإستمرار تسلط الأنظمة الدكتاتورية على الشعوب

٢_ فضحت ما سمي على مدى قرن من الزمان (قادة عرب) يحملون الهمّ العربي ويسعون لإصلاح حال الأمة، أولئك الذين أُلِّفت الأغاني والأناشيد الكاذبة تمجيداً لبطولاتهم وقدراتهم الإستثنائية، فظهروا للعلن ودون أي رتوش أنهم عملاء للخارج، يستمدون قوتهم في قهر الشعب واستمرار وجودهم منه، لا من الشعب ولا من القوانين، والأنكى من ذلك إنكشاف أمرهم أنهم عملاء لأعداء الأمة بشكل حصري، فظهر بطل الصمود والتصدي بطلاً بطأطأة الرأس أمام الأعداء، وبطلاً بتصديع الصفّ العربي، وظهر أمير المؤمنين حليفاً إستراتيجياً قديماً للجهة التي تحتل أرض الأمة  وتنكل بأهلها، وأظهرة الحاكم بإسم الدين حقيقة رغبته بتطويع الشعب لسلطان طمعاً بالسلطة ذاتها لا بالدين ولا للدين، فهو يعتقل رجال الدين فقط لأنهم رجال دين، إزدراءً لهم بعيون الجماهير المعجبة بهم، ورفعة لمكانه وإعلاء لسلطات، ويعلن عن تطوير ذلك الشعب بافتتاح الملاهي والبارات بجانب الأماكن المقدسة،  استخفافاً بها في عيون من يقدّسها، والأغرب أنه أغلق تلك الأماكن المقدسة منعاً لإنتشار وباء كورونا بينما بقيت الملاهي والمقاهي ودور الطرب مفتّحة الأبواب

وزعيم إم الدنيا تتلاعب به وبأم الدنيا دويلة صغيرة مربوطة ربطاً وثيقا بمن يعلن أنه سيصنع لنا ديناً يتناسب مع رغباته وأهوائه، وألخ ألخ

ومما ظهر وثبت أيضاً أن من يتغنى بالعروبة وينظّر (بالمسلمين) ، ليس عربي ولا مسلم، وهو من قام بمؤامرة على الشعب السوري فقتله وهجّره ودمّر حضارته، وكل ذلك كان تحت شعار دحر المؤامرة

وهذا الإنكشاف يفتح العقول المغلقة لمن اصطفوا زمناً خلف تلك الشخصيات الوهمية الواهية، لتتفتّق الأذهان عن طريقة تستعيد بها الشعوب زمام أمرها وتنتزع سلطانها من مغتصبيها، وبهذا لن يبق  الفلسطينيون يتّكلون على ما كان يسمى القمم العربية وقراراتها لأنهم عرفوا كيف تدار تلك القمم، وعرفوا من يديرها، ولن ينتظر السوريون ما ستجود به قريحة  غير بيدرسن أو غيره ليمنّ عليهم بفتات العدالة الإنتقالية أو التصالحية أو التعويضية، ومثلهم العراقيون واليمنيّون والمصريون وووو….. وبهذا تكون المحنة منحة حقيقية فتحت أبواباً كنّا أبعد ما نكون عن الجرأة على فتحها .

  • Social Links:

Leave a Reply