مآسي السوريين تستشرس: حريق.. وجوع.. وبرد

مآسي السوريين تستشرس: حريق.. وجوع.. وبرد

أنديرا مطر – القبس الكويتية:

مآسي السوريين تتوالى فصولاً، ولا موسم للأعياد في مفكرتهم منذ أن اختاروا الثورة على نظام ظالم.. فباتوا يواجهون ثلة من الظالمين.

مشهد شبيه بما حل بمرفأ بيروت بعد تفجيره في 4 أغسطس، هكذا بدا مخيم النازحين السوريين في بحنين، شمال لبنان، بعد إحراق كل مساكنه إثر خلاف بين أحد أبناء البلدة وبعض العمال السوريين.

وأقدمت عائلة أحد شبان المنية على احراق عدد من المساكن في المخيم الذي يحوي عشرات العائلات النازحة، التي لجأ بعضها إلى طرابلس وبعضها ما زال يختبئ في البساتين.

الناشط الاجتماعي محمد الدهيبي، وهو يعمل في منظمة الأمم المتحدة (UN)، وتطوع مع مجموعة من الشباب اللبنانيين والسوريين لإغاثة ضحايا الحريق، روى لـ القبس مشاهداته لليلة المروعة، وقال:

«اندلع إشكال بين أحد أفراد آل المير وبعض اللاجئين من مخيم بحنين، وبدا أن الإشكال مدبر ومنظم وغير عفوي، لأن مجموعة من المسلحين حاصروا اللاجئين عند بواية المخيم الرئيسية كما تمركزوا عند البوابة الخلفية أيضاً، بعد أن قطعوا كل الكابلات الكهربائية عن المخيم، فتحول إلى ظلامٍ دامس لا يسمع فيه الا عويل ونحيب النساء والأطفال».

ومخيم بحنين معروف باكتظاظه، حيث تتلاصق الخيم بعضها ببعض. وقبل اندلاع الحريق وقطع الكهرباء، سمع إطلاق الرصاص بشكل كثيف، ومنع السوريون من الهرب إلى مخيم آخر مجاور لهم، و«إلا سيتم اضرام النار بهم جميعا» وفق رواية الدهيبي.

رمي الأطفال وراء السور

بعد ذلك صرخ شخص «أحرقوا الخيم»، لتبدأ النيران بالفعل تلتهم خيام اللاجئين الذين حاولوا الهروب ولم يستطيعوا في البداية. وإزاء عجزهن عن الهرب، عمدت بعض الأمهات الى رمي أطفالهن خلف السور المحيط بالمخيم لتخليصهم من الحريق، وبعضهم استعان بسلم صغير للهرب، ومن شدة التدافع راحوا يسقطون عنه وهم يسمعون انفجار قوارير الغاز.

«ما شاهدته وسمعته لا يمكن للكلام ان يحتويه». يقول الدهيبي عن ليلة بحنين المروعة، وعن هلع العائلات التي فرت الى البساتين المجاورة وتفرقت عن بعضها في العتمة «ركضوا بالبساتين الموحلة، حفاة، لا يحملون شيئا، ولا يحلمون سوى بالنجاة».

وقال بتأثر واضح «شاهدت رجلا يبكي بمرارة، لأنه خسر تحويشة العمر، 25 مليون ليرة جمعها بعد عمل لـ 8 سنوات بظروف بالغة السوء، احترقت بحريق المخيم».

مشاهد الصباح المفجعة

وصباح الأحد، تجمع عشرات الأطفال والنساء امام ارض المخيم اليباب، عادوا لتفقد أغراضهم، وبدا على وجوههم حجم الصدمة والغضب والحزن بعد ان فقدوا كل ما تبقى لديهم. ويروي شهود عيان قصصا محزنة للغاية عن أطفال تركوا بلا حليب ولا حفاضات، وعن مسنين تركوا أدويتهم وفروا في العراء في برد كانون (ديسمبر)، وعن عائلات بكاملها لم يعد لديها حصيرة لتجلس عليها.

المفوضية ستتحرك

المتحدّث باسم مفوضية اللاجئين خالد كبّارة اكد ان المفوضية وبالشراكة مع جهات محلية ستعمد لتقديم المساعدات بصورة عاجلة للعائلات السورية التي كانت تقطن المخيم.كما تسعى لتأمين مأوى مؤقت لبعضهم من الأكثر حاجة، نظرًا لقلة أعداد مساكن الإيواء شمالاً.

ولفت ألى أن «الحريق امتدّ لكلّ مساكن المخيّم» المبنية من مواد بلاستيكية وخشبية، وأن «حجم الحريق كان ضخماً بسبب المواد السريعة الاشتعال المبنية منها مساكن المخيّم ووجود قوارير غاز فيه».

عائلات فتحت منازلها للإيواء

منذ انتشار الخبر على مواقع التواصل الاجتماعي ليلاً، هب ناشطون/ات لبنانيون للتبرع ولمساعدة العائلات النازحة والهاربة، وقد وصلت المساعدات لنحو 17 عائلة على الفور وجرى التبرع بشكل عاجل بنحو 250 ربطة خبز.

وحول المساعدات الإغاثية، علمت القبس انه جرى التواصل مع بلدية بحنين لأخذ إذن فتح حديقة البلدية لاستقبال المساعدات العينية. لكنها رفضت، في ظل محاولة رئيس بلدية بحنين مصطفى وهبي عدم التدخل بالقضية!

ليس حادث بحنين اول وآخر فصول الإشكالات المتواترة بين لبنانيين وسوريين، والتي ستزيد في الأيام المقبلة نتيجة الاحتقان الناجم عن سوء الأوضاع الاقتصادية والمعيشية التي تخنق اللبناني وتنفجر أعمال عنف واعتداءات على الفئات المهمشة والضعيفة.

هذه الممارسات العنصرية المدانة لم تحجب تعاطف عدد كبير من اللبنانيين ينظرون الى السوريين على أنهم اخوة الشقاء والظلم. عائلات من عكار عرضت منازلها ومدارس البلدة لإيواء اللاجئين الذين التهمت النيران خيمهم. وأعلنت مئات العائلات عن فتح منازلها لإيواء العائلات السورية.

  • Social Links:

Leave a Reply