ادرنالين الحريةوحماس الثورة

ادرنالين الحريةوحماس الثورة

فرح العاقل

لا يكاد ينقضي يوم الاثنين حتى يبدأ الأدرينالين بالجري سريعاً بين طيات العروق معلناً بداية العدّ التنازلي وارتفاع هرمون الحماس لاقتراب يوم الجمعة..يصبح أسبوعنا عبارةً عن، ثلاثةُ أيامٍ حتى يوم الجمعة، يومان، يوم، ليلة، عدة ساعات..”الجمعة العظيمة” التي كانت مخصصة للراحة والاستجمام، ثمّ فجأةً وبكامل الرضى والسعادة تحولت لعرسٕ نُعلي فيه صوتنا الذي كان مخنوقاً، عالياً..ننفض غبار الغُبن والوجعِ عن كرامتنا..نورّث العزّ لأولادنا..نحرق آخر سفن الذلّ والخوف والقهر لننتصر لذواتنا المجروحة..هناك.. في ساحة الكرامة.. وجوهٌ مألوفةٌ وأُخرى كانت غريبةً لا تربطنا بها قرابةٌ أو صداقةٌ واقعيةٌ ولا افتراضية، ولكنها أضحت جزءًا من يومنا، وجوهٌ كانت يوماً قريبةً لكنّ السنون فعلت فعلها الأليم بيننا وبينها، وجوهٌ فيسبوكية كانت تنتظر فرصة لقاءٍ حقيقية، وجوهٌ ودودة تبتسم كلما لاقت عيناك، وكُلّها يجمعنا بها كثيرٌ ونيّف من الأمل والحُلمِ والكرامة..يقف بجانبي رجلٌ في العقد الخامس يخاطبني: نيالكن!!نظرت إليه باسمةً وقلت: عفواً! قال ثانيةً: يا عمي نيالكن بعدني مش مسترجي أهتف..تطايرت الكلمات من فمي دونما وعي، ويبدو أني قلت شيئاً يشبه لافتةً كانت قد مرت أمامي صباحاً:”من دخل ساحة الكرامة فهو آمن”...دقائق مرّت كانت يداه ترتفع عالياً حال الجميع يردد ما كانت الساحة تصرخُ به..ورغمَ أني ما كنت يوماً متعصبةً مناطقياً ولا عائلياً ولا طائفياً، وكنت أشعر أني أترفع عن هذه الأمور وأنتمي لسورية وإنسانيتي أولاً وقبل كل شيء، إلا أنني وفي اللحظة التي يصدح بها صوت الإذاعة: يا حيالله بعزوتي أحرار إم الرمان، تنطلق زغرودتي ملئ فمي، تلك الزغرودة التي طالها تنمر -مش حلو- لإنها قوية وبتصرع، هي ذاتها، تطلبها صبية تقف أمامي لحظة دخول أهل امتان الشرفاء، تلتفت للخلف قائلة: يقبرني ربك، بشرفك، ما بعرف زلغط، زلغوطة لأهلي أحرار امتان، هي ذاتها تطالب بها الصبايا لتكون واحدةً من مجموعة، كلّما علا اسم السويداء وصقرها، سلطان باشا..هي ذاتها يُثني عليها نساءٌ ورجالٌ حولي يكبرونني عقدين أو ثلاثة من الزمن قائلين بتناغمٍ مفاجئ: يالله حيك يا عمي…هناك.. في ساحة الكرامة.. يجمعنا أكثر بكثيرٍ مما يفرقنا، على اختلاف اطيافنا وخلفياتنا الثقافية والاجتماعية والعائلية……هناك.. في ساحة الكرامة.. يجمعنا أكثر وأهمّ بكثيرٍ مما يجمعنا خارجها..هناك.. في ساحة الكرامة.. تظلّ أرواحنا وقلوبنا معلّقةً، شاخصةً نحو سور السويداء العصيّ على صغائر الأمور وكبائرها، تحوم.. تحرس.. تترقب فرَحنا الأسبوعي يبقى حلمنا حي.. يبقى الأمل مفتاح.. ويالحاملين الهم.. حمل الألم روّاح..فرح العاقل

  • Social Links:

Leave a Reply