رسالة إلى ماركس

رسالة إلى ماركس

د احمد نسيم برقاوي

.أبي أيها القاتل والقتيل:يامن حملتني يوماً على كتفيك كي أرىوصرت لا أستطيع الرؤيا إلا وأنا محمول عليهماها أنا نزلتُ الأرض كي أرها بعيونيفابتعدت عنك مبتسماًفرِحِاً بتمردي الذي منحني أجنحتي،حين غادرتك يا أبت لم أنكص إلى ما قبلكبل سموت بذاتي إلى ما بعدك.تجولتُ في أسفارك كلها وسُحرت بروح الشاب الذي كنتهوانت تقارع أباك الذي رأيته يمشي على رأسهمشيت على قدمين دون أن تنسى رأسكوأحببت الجنة التي وعدت بها المعذبين على هذه الأرضقبل أن أراك معلقاً على أعواد المشانق في سان بطرس بورغقبل أن أرى جدران موسكو مزدانة بلمعان عينيكوشوراعها بتماثيل جسدك وقبل أن أقرأ ما قاله عنك عبيد ستالين في كراريسهم الحمقاء قصوا جناحيك وحنطوك ألقوك في توابيت أحزابهم كمومياء فرعونيةوأهالوا على تمردك تراب الخنوع وأنت لست إلهاً ولا نبياً ولا كاهن معبدوالأوتوبيا التي رسمت ملامحها الزرقاء تحولت في الغابات إلى سجون للعقل و الحرية، قالوا لي بأنك الأب المقدس وأنا لا أطيق العيش مع الآباءفقتلتك قتلتك حين لمعت الأنا في عقلي القلقالأنا التي لم تنتبه إليها أنت وخلفاؤكوحين بعثت الذات من الرمادالذات التي جعلها أحفادك طعاماً للقطيعأتدري يا أبت حين لوحت لك بالوداعتذكرت قولك الذي لا يبلى:”لقد انتصر المسيح لأن سبارتاكوس انهزم”اتدري لماذا ؟لأنك كنت مسيح الأرض الذي انتصر بهزيمة الفقراءولكن كل مسيح ينتصر ليس سوى رمز هزيمة للبشر.وانت ما أنت إلا “صرخة قلب في أرض لا قلب لها”أتدري يا ابن هيجل:قصائدك ل(جيني) أروع من رأسمالكوروح اللغة وجمالها في كلامك أبقى من أفكاركوروزا التي طارت على أجنحتك أحيت فيك دماءكالتي سالت من يديك المكبلتين بأصفاد أحزابك لينين الذي مذهَبَكَ لم يبق منه إلا تمثال مغترب حجبته العادة عن الأنظاروجثة محنطة في ضريح يأمه الكهولستالين وأشباحه ممن رفعوا راياتك ينحنون سجداًعلى أقدام الطغاة.لكني ما زلت أحمل الأمل في عالم بلا سلطة الذهبوروح النقد فرت من بين القضبان لتظهر في سياتل وصوت المعذبينأما أولئك الذين جعلوا منك إلهاً ونبياً وكاهن معبد وأوثنوكهم الآن في كهف أفلاطون ظهرهم للشمس ووجوههم للجدار.أيها القاتل النبيل:وأنا القاتل النبيل الأبي لم أحبك إلا بعد أن قتلكفأحييت فيك روحك.

  • Social Links:

Leave a Reply