شذرات في العنصرية: الأبارتايد /الصهيونية….

شذرات في العنصرية: الأبارتايد /الصهيونية….

زهرة المخلوفي


قبل القرن السابع عشر، لم يكن هناك وجود للتفوق العرقي. حيث يؤرخ لبداية المحاولات النظرية العلمية الأولى في تصنيف البشر إلى مجموعات عرقية. بأواخر القرن الثامن عشر وأوائل القرن التاسع عشر.
وبذلك فتلك المحاولات لم تخرج عن محاولات تبرير النظام الاجتماعي. خاصة مع توسع النزعات الاستعمارية الغربية، والتي هيمنت على مناطق وشعوب عديدة في العالم صنفتها بموجب التفوق العرقي أنها همجية، بربرية وغير متحضرة مما يجعل استعمارها ضروري، واحتقارها طبيعي.
وفي هذا السياق طرح عميد المدرسة العرقية العنصرية،
“جوزيف آرثر دو غوبينو” (1816-1882 )، نظريته التي قسم بموجبها الشعوب إلى ثلاثة أعراق وفق تراثية هرمية: الأبيض (القوقازي)، الأسود (الزنجي) والأصفر (المنغولي).
حاججت نظريته بأن العرق الأبيض يمتلك خصائص متفوقة ( الذكاء والسمو الأخلاقي والإرادة). معتبرة اياها سمات أصيلة في تكوينه. وتبرر سيطرة المجتمعات الغربية البيضاء على باقي الشعوب الأخرى.
موقعت نظرية “جوزيف ارثر” السود، في مرتبة دنيا من حيث قدراتهم العقلية، كما أشارت لقربهم من المرتبة الحيوانية في افتقارهم إلى القيم الأخلاقية والاكتفاء العاطفي.
إن انتشار الاعتقاد بالسمو العرقي، جعل الامريكيين وغيرهم من الاوروبيين يعرفون انفسهم ب “العرق الأبيض”. وهو ليس مجرد تصنيف، بل أصبح نسقا متكاملا للهيمنة والاستعباد، فكان بمثابة نقطة التحول التي أعادت تتشكيل العالم الحديث برمته. الاعتقاد بسمو العرق الابيض ليس مجرد أفكار، بل توجها سياسيا برر للبيض فرض سيطرتهم على جميع نواحي الحياة العالمية: الثقافية، الاجتماعية، والسياسية، والصناعية. وبذلك فالاستعمار الغربي في دول إفريقيا، وآسيا، وأمريكا، قام على أساس أولي هو نزعة التفوق العرقي.
حيث عرفت نزعات تفوق البياض في أمريكا انتشارا قبل الحرب الأهلية، فكان أصحاب البشرة الملونة محرومين من أبسط الحقوق والمناصب الإدارية والحكومية بشكل كلي، واستمر هذا الحرمان حتى النصف الثاني من القرن العشرين.
وتشير صحيفة The Guardian البريطانية، أن الإستخدام القانوني الأول لكلمة “أبيض” ظهر في قانون خاص بمستعمرة فرجينيا عام 1691، وهدف إلى فرض عقوبات خاصة على زواج الأعراق المختلفة والعلاقات الجنسية.
ونص القانون على :”لمنع ذلك الاختلاط البغيض وتلك القضية غير الشرعية التي ربما تستشري فيما بعد؛ أيما رجل أو امرأة من الإنجليز، أو غيرهم من الشعوب البيضاء، يتزوجان من رجلٍ أو امرأة من الزنوج أو الملاتو أو الهنود.. فإنهما ينفيان ويطردان من هذه المستعمرة للأبد”.
يوضح هذا القانون بشكل قوي السعي المحموم لزعماء المستعمرات للمحافظة على “صفاء” العرق الأبيض، من خلال قطع الطريق أمام أي اختلاط له مع باقي الأعراق التي يرونها دونية ومنحطة.


هوامش:
1_أنتوني غدنز. علم الاجتماع (الطبعة الرابعة) ، ترجمة وتقديم الدكتور فايز الصياغ. المنظمة العربية للترجمة، ص 311 و 312.
.

  • Social Links:

Leave a Reply