يبدو أن توقيت أزمة الاستفتاء في شمال العراق وتداعياتها الدرامية ، تعبر عن مكنون اسرارها، وان هناك أمر يكون قد دُبِّرَ بليل غشوم ، وما يجري وبهذه السرعة يشير بوضوح الى ان هناك من حَضَّرَ للفتنة الكبرى جيدا ، ومنذ وقت طويل، وآن الأوان لتفجير الفتنة بمرحلة ما بعد داعش.
ما يجري وبما نشاهده من تسريبات افلام الفيديو وتنقله فضائيات الفتنة الطائفية، وهي تذكرنا بنفس حدث وآليات ومراحل تفجير قبة الامامين العسكريين في سامراء، تلك التطورات التي فاجئت اغلب العراقيين، ظهرت بعد التفجير مباشرة ، فما ان تم التفجير في المرقد بسامراء حتى خرجت اشباح الظلام السوداء لتشعل على الفور حرب الطائفية المبيتة سلفا ، فاستهدفت حياة الناس الابرياء، والعمل على ترحيلهم والشروع بتنفيذ التطهير الجغرافي الديموغرافي، المبني على استثارة البغض الطائفي والمذهبي.
واليوم يتكرر نفس السيناريو ، فما ان اعلن عن الاستفتاء، حتى تم التحشيد والبغض المزدوج بلبوس طائفي وشوفيني ، وهذه المرة يتصاعد خطاب مركب غرائبي يحمل مضمونا ومركبا قوميا واثنيا وطائفيا في آن واحد .
مواكب العزاء الحسينية، خلال الايام الثلاث الاخيرة تجهزت بقصائد اللطامين والردات والشعارات المكتوبة ، فتحولت مجالس العزاء الى مناخ للاستعداء على الكرد، حتى ان اسماء وافعال كانت منسوبة الى يزيد والشمر بن ذي الجوشن وعبيد الله بن زياد تلبست الآن بشخصيات كردية ممثلة بمسعود وزيباري …. وغيرهم .
وللاسف الشديد ، لا عاقل يظهر في لُجَّة مثل هذا الصدام الاثني الطائفي المفتعل، عندما يَعْتَمِر هذه المرة لبوسا طائفيا، ويبدو مركبا ومعقدا ومتسعا هذه المرة.
” يا بو بِشِتْ …بيش إبلشت …. ” هكذا حال اصوات وخطاب ” شيعة ” و ” اكراد” الاحتلال في تصعيدهم الجديد، وكما يقول احد اصدقائي، وهو يدعو الى خطاب التهدئة المطلوب منا جميعا: انه لا مجال لحوار الطرشان هذه المرة، فهم كلهم من صنف (جماعة ما ننطيها) ، وهم متواجدون ومتميكون بكراسبهم سواء في بغداد ، وكما هم في اربيل.
المشهد الدرامي المفزع ، يتجسد اليوم بتصعيد مفتعل ويثير غزائز بدائية مملوءة بالحقد الاعمى ، حيث نزلت الى الشارع وبيوت العبادة والحسينيات، مواكب، تردد في اللطم كلاما يثير التقزز والعنصرية ، ناهيكم عن الطائفية المقيتة، وهناك من إستعد لعرض عضلاته وبنادقه، مصحوبة باستعراض زناجيل مستوردة من طهران لتعميق الالم السادي عند العامَّة وتحويله حقدا وانتقامت نحو الشقيق الكردي، إثنياً وحتى نحو الشقيق العربي، طائفيا .
انتظر الغد القريب في يوم الاحد القادم ، المصادف، العاشر من محرم الحرام، حيث سيشهد يوم عاشوراء ذروة التصعيد ، وسيكون مشهدا للتطبير بالقامات والسيوف تستعرض نزيف الدماء في شوارع المدن العراقية المسبية ، وكذلك هو الحال على حدود وخطوط التماس و “المناطق المتنازع عليها” ، حيث تنتشر المليشيات والحشد والبيشمركة وتدق طبول الحرب ، وخلفهما وفوقهما تُحلق وتتفرج طائرات التحالف الدولي الخبيث على مشهد الصراع، ومعها تتابع مراكز الرصد الايراني والتركي.
والمؤسف في كل هذا المشهد الحزين أن يقف عراقيون على منصة التفرج ببلاهة ولا مبالاة، ومنهم يتشبث بموقف التشفي المرفوض شرعيا واخلاقيا ووطنيا ، حيث بلغت الخِسَّة بمواقف البعض باعلان الشماتةبكل ابناء العراق، وبالجميع الذاهبين الى تلك المحرقة القادمة ، ومنهم يذهب الى استذكار ما قيل يوما عندما كانت الحرب الاهلية في شمال الوطن تحصد ارواح شباب العراق في الستينيات من القرن الماضي، وقد سماها البعض انها ( سالفة عركة كاكا ومحيسن) ، التي كان يتندر بها يوما احد الساسة العراقيين، لتبرير عجزه حينها عن وقف الحرب الدائرة في شمال العراق .
ويتذكر العراقيون قولا منسوب له بقوله سيئ الصيت حينها ( دعهم يتقاتلون فهناك يقتل كاكا أو محيسن واحنا شعلينه).
بعضهم يعيد اليوم نفس المشهد ويتندر بنفس مثل هذا الكلام المخزي.
اللهم اني بلغت فان الفتنة تضرب بلادي وتدمي العراق من اقصاه الى اقصاه
فلم يكتفي البعض بذبح الحسين، يوما ، وها هم يذبحونه مرة اخرى، ومعه يريدون ذبح شعبنا في عزائه المستديم.
Social Links: