4- 67 ألف نسمة في الرستن يواجهون حصاراً خانقاً و90% منهم تحت خط الفقر

4- 67 ألف نسمة في الرستن يواجهون حصاراً خانقاً و90% منهم تحت خط الفقر

سوريتنا برس

يبدأ محمد أيوب أحد أبناء مدينة الرستن بريف حمص الشمالي، يوماً جديداً بالبحث عن لقمة عيش لأطفاله الثلاثة، والتي يُشبّه الحصول عليها “بالحفر في الصخر”، في ظل تدهور الواقع المعيشي للسكان وغياب معظم الخدمات، نتيجة الحصار الذي يفرضه النظام على المدينة، ما دفع المجلس المحلي إلى إطلاق نداءات استغاثة.

 

وقال أيوب لــ سوريتنا: “سبع سنوات من الحرب كانت كفيلة بأن تتغير أحوال جميع السكان، واختفاء الطبقات الثرية والمتوسطة، فمعظم الناس باتوا تحت خط الفقر”، حسب قوله.

 

تقع مدينة الرستن على بُعد 20 كم شمال مدينة حمص، واشتُهرت في بداية الثورة السورية بإسقاط سكانها تمثال (حافظ الأسد) منتصف نيسان من عام 2011، ما دفع بقوات النظام والمليشيات المساندة لها إلى فرض طوق أمني حول المدينة والبلدات المجاورة، وباتت تعيش تحت وطأة الحصار منذ حزيران من العام نفسه.

 

ويبلغ عدد سكان مدينة الرستن 67 ألف نسمة، أي حوالي 13 ألف عائلة، 20% منهم من الأسر النازحة، وأوضح أيوب أن “سنوات الحرب أنست السوريين المناطق الثائرة والقابعة تحت وطأة الحصار، وكانت أجمل شعارات الثورة (الشعب السوري واحد)، فتنتفض المحافظات لأجل منطقة محاصرة، أما اليوم فقد نال كل واحد منّا نصيبه من الحرب”.

 

بئرا مياه فقط لسقاية 13 ألف عائلة

تسبب الحصار المفروض من قبل قوات النظام بضعف إمكانيات المجلس المحلي في دعم الواقع المائي للمدينة، حيث تحتاج المضخات دعماً من المنظمات لتشغيلها.

 

وتعتمد مدينة الرستن على بئرين للمياه من أصل 20 بئر جوفي، وهما المحطة الرئيسية (ساريكو) وبئر جوفي آخر، ولكل بئر داعم مختلف عن البئر الآخر، ويتم إيصال المياه للمنازل السكنية عن طريق شبكات المياه الداخلية، مع تأمين المياه للمنازل (البعيدة عن الشبكة) بواسطة صهاريج يبلغ سعرها 600 ليرة سورية للصهريج الواحد.

 

وتحتاج المضخات الرئيسية لما يقارب 200 لتر من الديزل لتشغيلها مدة 10 ساعات يومياً وتأمين المياه لثلث سكان المدينة، أي يحتاج المجلس للضخ ثلاثة أيام لسقاية المدينة بأكملها.

 

وأوضح رئيس المجلس المحلي في مدينة الرستن يوسف درويش لـــ سوريتنا أن “المجلس المحلي قام بتجهيز نظام جباية لتأمين المياه بهدف تأمين مورد مالي مستمر لمحطات الضخ، لكن الواقع المادي للسكان لا يسمح بتنفيذ الجباية بشكل مباشر، ولاسيما أن 90% من السكان أصبحوا تحت خط الفقر”.

 

السكان يعودون إلى خبز التنور

تعتمد مادة الخبز على الدعم الخارجي، وذلك لعجز المجلس المحلي عن تأمين التكاليف التشغيلية اللازمة لإنتاج مادة الخبز، وأكد درويش “عدم وجود جهات داعمة للأفران حالياً، ويتم تأمين الطحين عن طريق برنامج الأمن الغذائي الذي يعتمد على شراء القمح لصالح المجلس المحلي ولكن هذا الدعم غير دائم، أو عن طريق دعم الأمم المتحدة التي تزود المدينة بالطحين عند إدخال قوافل المساعدات، ولكن ذلك أيضاً قد يكون مرة أو مرتين في العام”.

 

وقال الإعلامي يعرب الدالي من مدينة الرستن : إن “صعوبة تأمين مادة الطحين، وشراءه من الأسواق الحرة ساهم في ارتفاع سعر الربطة الواحدة، ما دفع الأهالي للعودة إلى الطرق البدائية (خبز التنور) كحل لمشكلتهم في ظل ضعف القدرة الشرائية، وارتفاع نسبة البطالة التي تجاوزت 25%، ويبلغ دخل العائلة الواحدة شهرياً نحو 50 دولار أمريكي (ما يعادل 25ألف ليرة سورية)”.

 

أقبية سكنية للتعليم

يتلقى 17 ألف طالب في مدينة الرستن التعليم في مدارس خاصة ومنازل أهلية، يتم دفع آجارها من أولياء الطلاب على شكل رسوم مالية.

 

وعمل المجلس المحلي على الاستمرار في مجال التعليم بعد خروج مدارس المدينة البالغ عددها 28 مدرسة عن الخدمة بسبب القصف باستثناء واحدة ما زالت في الخدمة، بنسبة دمار تصل إلى 25%، وقال رئيس المجلس المحلي: إن “مدارس مدينة الرستن طوال السنوات الماضية، لم تشهد أي مشاريع دعم تهتم بقطاع التعليم، كبناء مشروع تعليمي محصن”.

 

وأضاف “بدأنا تعليم الأطفال في أقبية آمنة ومنازل سكنية، كان الآجار الشهري يعيق سير المرحلة التعليمية، مع استمرار أصحاب المنازل برفع الآجار الشهري”.

 

وأطلق المجلس المحلي نداء استغاثة للمنظمات الإنسانية لتأمين مبلغ يصل إلى 200 ألف دولار لصيانة المدارس المدمرة ولكن لم يلقَ أي استجابة.

 

وأشار درويش إلى “تأهيل أربع مدارس بشكل جيد بتمويل ذاتي من المجلس المحلي من خلال رسوم النظافة وعدة مشاريع، ليتم وضع المورد المالي في تجهيز المدارس، في حين لا يزال معظم الطلاب يتلقون تعليمهم في الأقبية”.

 

في حين يعتبر الواقع الطبي جيداً، حيث تضم مدينة الرستن مستشفى ومستوصف صحي تأسسا مع بدء الثورة السورية، وتطور العمل في تلك المراكز إلى افتتاح أقسام جراحية ونسائية، وأقسام للأطفال على الرغم من أن عدد السكان يفوق طاقتها الاستيعابية، إلا أنها مستمرة في تقديم الخدمات الطبية المجانية والأدوية.

 

مفاوضات لفتح طريق الرستن

من جهة أخرى يسعى النظام وحليفه روسيا إلى فتح الطريق الدولي بين مدينتي حمص وحماة مروراً بمناطق ريف حمص الشمالي عبر جسر الرستن، من خلال التفاوض مع الوجهاء في المنطقة.

 

وأكد يوسف درويش أنه “لم يتم البت في موضوع فتح الطريق حتى الآن، وأن الطرف المفاوض في الريف الشمالي اشترط لفتح الطريق، إطلاق سراح المعتقلين، وما زال الطريق مغلقاً لعدم الاتفاق مع الوفد الروسي بشكل عام، وتم تحديد المعابر التي سيتم فتحها وتقديم مذكرة لروسيا في انتظار القبول المبدئي لتلك المعابر.

 

وتكمن أهمية فتح الطريق المُغلق منذ عام 2012، في أنه نقطة استراتيجية تُسهّل حركة العبور للشاحنات والبضائع بين حمص وحماة واختصار المسافات على قوات النظام، ومن المقرر أن يتم افتتاح معبرين الأول مع حماة، والثاني مع حمص.

  • Social Links:

Leave a Reply