التاريخ : 4 – 5 – 2018
بيان
كثرت التكهنات والتحليلات في مآلات الثورة السورية منذ انطلاقتها عام 2011 ، واليوم، بعد مرور أكثر من سبع سنوات يمكننا أن نعلن جهاراً فشل تلك التحليلات. ولم يكن ذلك بسبب عجز أو قصور علم الاجتماع أو السياسة، بل بسبب غياب الإرادة الدولية التي لا تريد تغيير نظام كان جاهزاً على الدوام بالمقامرة بكل مقدرات الشعب السوري وإمكاناته مقابل بقائه.
ففي الوقت الذي راهن فيه النظام السوري على إجهاض الحراك الجماهيري خلال فترة قصيرة من العام 2011، راهن الثوار بالمقابل على استحالة صمود النظام طويلا أمام اتساع رقعة الاحتجاجات في عموم المدن السورية.
وحين كان السوريون قاب قوسين أو أدنى من إسقاط النظام عام 2012 استجلب الأخير دولاً وقوى غريبة لتثبيت نظام الاستبداد، فحضر نظام الملالي الإيراني بميليشياته الطائفية المتعددة وأبرزها حزب الله اللبناني، كما جاءت روسيا 2015 بقوتها العسكرية المفرطة وغيرها.
بعد ذلك، تحولت الساحة السورية إلى حرب وكالة إقليمية ودولية عملت على إشاعة الفوضى والخراب وإطالة عمر النظام وبالتالي زيادة مأساة الشعب السوري الثائر. وعلى الجانب الآخر غابت الإستراتيجية الموحدة لقوى الثورة وفشلت مؤسسات المعارضة وفي مقدمتها الائتلاف، رغم حظوته باعتراف دولي واسع، في أن تكون ممثلاً حقيقياً قادراً على تجسيد تطلعات الثورة، كل ذلك ترك بصماته الثقيلة على الأوضاع وزيادة المأساة التي ثقلت على أهلنا وشعبنا.
بالمقابل، صحيح أن النصر لم يتحقق بشكله الناجز حتى الآن، إلا أن الثورة مازالت تمتلك الكثير من مقومات نجاحها، بالرغم من الخذلان المتكرر لها، وبالرغم من تكالب قوى كبرى مثل روسيا وإيران وشركائهم واستخدامهم أساليب الحصار والتهجير ألقسري لتثبيت النظام المترنح وللقضاء على الثورة، وبالرغم من تكريس ثقلهم الدبلوماسي والسياسي في المحافل الدولية لتلك الغاية.
وبناء على ما سبق نجد لزاماً علينا إن نعيد تقييم مراحل الثورة وأداء من مثلها لجهة الانتكاسات والأخطاء المتكررة التي اعترت مسيرتها بدءا من السكوت عن تحالفات مع أجسام وقوى غير متوافقة تماماً مع الأهداف البعيدة للثورة في الحرية والكرامة والمساواة والعدالة، وإقامة دولة مدنية حضارية تستوعب أطياف المجتمع السوري وتنوعاته التي تقوم على أساس المواطنة، ولم يعد كافياً أبداً اعتبار كل من ادّعى أو نادى بمحاربة النظام حليفاً للثورة كالفصائل المتأسلمة التي اتخذت من الدين الحنيف جسرا رغم جهلها بالدين والسياسة معاً ، أو القوى الأخرى التي ركبت الثورة لتحقيق مكاسب خاصة في إنجاز فيدراليات وسيادة عرق على آخر والاستيلاء على مناطق نفوذ من الجغرافيا السورية بعيداً عن أهداف الثورة وتطلعاتها .
إننا في تجمع الشرقية الوطني نهيب بالإخوة الشرفاء من أبناء سورية أن لا تثبط عزيمتهم ولا يتزعزع إيمانهم بثورتهم، فالصلة بين الشعب والنظام قد انقطعت ساعة خروج أول مظاهرة طالبت بإسقاط الديكتاتور. ولهذا فنحن مدعوون جميعا للانخراط في عملية مراجعة شاملة ونقد موضوعي لمسيرة الثورة النضالية في الميادين كافة والاعتراف بالأخطاء التي مورست، والعمل على تجاوزها في إطار جسم ثوري وطني واحد موحد ينطق باسم الشعب السوري الثائر كلّه ويعبر عن تطلعاته ويعمل على تحقيق أهداف ثورته في الحرية والكرامة والمواطنة والمساواة، وبعيداً عن أي أملاءات أو أجندات أخرى، والانخراط في جسم وطني خالص يستمد قوته من قوة الشعب الثائر ويهتدي بتطلعاته، ولا يحيد عن بوصلة الثورة تحت أي ذرائع أو ضغوط.
تجمع الشرقية الوطني
Social Links: