(نهارا” سعيدا” ) – رؤى عبد الصمد

(نهارا” سعيدا” ) – رؤى عبد الصمد

(نهارا” سعيدا” )
رؤى عبد الصمد

دخلت المول ، بكل هدوء ، لم أشأ أن ينتبه لي أحد ، وضعت حقيبتي هناك كرجل محترم ، دخلت ، تظاهرت أنني أشتري بعض الأغراض ، أحد العمال كان يرتب العطور على الرفوف ، و رغم أنني لم أسلم عليه بادرني بالسلام Guten tag , اشتريت بعض الأغراض للتمويه ..، حاسبت الموظفة على الصندوق ، رددت ابتسامتها بتكشيرة ، ثم انطلقت ..

أحمد الله أن أحدا” لم ينبهني إلى أن آخذ حقيبتي ..فحقيبتي ..و كما ستعلمون مليئة بالمتفجرات ..

غادرت المول بسرعة ، فخلال ربع ساعة ، ستنفجر الحقيبة ..

و فعلا” كان كل شيء على ما يرام ..

……………..

في المساء وصلتني الأخبار ، فقط ستة قتلى ، من بينهم عاملان في المول ، رجل و امرأة .

نظرت في الصور …

نعم هما ، تلك الفتاة التي ابتسمت لي ، و ذلك الشاب الذي بادرني بالسلام (Guten Tag).!!

ً……………

لا أعرف يا أمي لم صورته لا تغادر مخيلتي ، كان شابا” في مقتبل العمر ، ابتسم لي بلطف ، و كأنه يعرفني ، سلم علي بحرارة ، لم يطلب أحد منه ذلك ، فهو لم يكن في قسم الاستقبال ، أو على الصندوق ، كتلك الفتاة التي ابتسمت لي ، كان موظفا” عاديا” ، يرتب الرفوف ..

و لكن يبدو أنه كان يحب الأجانب ، و عرفني من سحنتي السمراء ، أنني أجنبي سحقته الظروف فجاب البحار و وصل إلى ألمانيا ..، يبدو أن المسكين تعاطف معي ، تعاطف مع قضيتي ..، ظن بأننا نتعرص لكثير مز الاضطهاد من طرف الحكومات و من طرف تلك المنظمات ، تلك التي أنا أنتمي إليها ..!!

…………………

أشعر يا أمي بكثير من القلق ، لحظة أن سلم علي ذلك السلام الحار ، و بتلك الابتسامة البريئة ، راودني الشيطان ، قلت لعله بريء ، و لكن فورا” تعوذت بالله ، تذكرت قول الأمير إنهم يقتلون المسلمين ، و هكذا بدون ترددت ، غادرت المكان ..بدون حقيبتي ..!!

…………………..

قلقي يا أمي يتزايد  يوما” بعد يوم ، تحول إلى ندم ، لمَ لم أتأكد بنفسي ، هل صحيح أن ذلك الشاب قتل بعض المسلمين ، هل تعتقدين ذلك يا أمي ؟!،و تلك الفتاة صاحبة الابتسامة ، ذات الشعر الأشقر و أنفها المعقوف قليلا” ، هل تظنين أنها قتلت بعض المسلمين أيضا” يا أمي ..

اصدقيني القول يا أمي ، هل تعتقدين أنهما فعلا ذلك يوما” ، و لو مرة واحدة، قولي لي على الأقل إنهما اشتركا معا” في قتل أحد المسلمين ..!!

………………

لماذا لم تجيبي على تساؤلي يا أمي ، بدأ قلقي و ندمي يتحول إلى شك ، هل ما قاله لي الأمير كان صحيحا” ، هل هو متأكد من قوله ، أن الشاب صاحب Guten Tag و الفتاة صاحبة الابتسامة ، أم الأنف المعقوف شاركا في قتل المسلمين ؟!!

……………………

لماذا لا تتواصلين مع الأمير يا أمي ، عقلي لم يعد يحتمل ، صرت أخشى أن أنام ، دائما” يأتيني ذلك الفتى في الحلم ، يقول لي دائما” Guten Tag  و تلك الفتاة لا تزال تأتيني أيضا” تبتسم لي و تتمنى لي عطلة أسبوعية رائعة

-schönes Wochenende  !!!

………………………

اسألي الأمير يا أمي ، هل كان متأكدا” من ذلك ، هل شاركا فعلا” في قتل المسلمين. ..

أمي هل سألت الأمير ؟!!

ردي علي يا أماه ، قولي لي ماذا قال ؟!!

……………………

هل صحيح يا أماه ما سمعت ؟! وصلتني أخبار أن الأمير قتلي صديقاي ، عبد الحميد ، و نجيب ، بتهمة انتمائهما إلى فصيل آخر من الثوار … هل ذلك صحيح يا أمي ؟!

تأكدي منه من ذلك ، لقد حزنت كثيرا” عليهما ، فكم كنا نذهب معا” إلى المسجد و نحضر الكثير من الدروس و نتبادل الكتب و الزيارات و الأذكار  ، اسأليه هل إذا كان هو حقا” من قام بقتلهما ، هل هو متاكد من انهما ارتدا عن الاسلام   و لا تنسي أن تسأليه بالمناسبة عن الشاب و الفتاة اللذين فجرتهما بالمول ، هل هو متأكد أنهما شاركا في قتل المسلمين ؟!!!

رؤى عبد الصمد

  • Social Links:

Leave a Reply