الرفاق الأعزاء مندوبي المؤتمر الثاني لحزب اليسار الديمقراطي السوري
يأتي انعقاد المؤتمر الثاني لفصيل يساري سوري ولد في خضم المأساة السورية الكبرى ..حيث انطلقت الثورة بكل ما حملته طلائعها الأولى من آمال عظام كان يراد لها أن تتحقق من خلال استجابة نظام الأمر الواقع لمشروعيتها ولتجنيب بلادنا الذهاب نحو المجهول … إلا أن الحدس كان يقول : أن العصابة التي سطت على الحكم في سوريا بليل لا تتصف بصفات رجال الدولة ولا بالمسؤولية الوطنية وشعبنا الذي ذاق الويلات من جرائمها وخبثها وتآمرها كان لا يأمل خيرا منها على أرضية المثل الشعبي القائل : ( يلي يجرب المجرب عقلو مخرب )…
لقد أسقطت ثورتنا هذا النظام ( الذي لم يمتلك الشرعية ليوم واحد) منذ الأيام الأولى لانطلاقتها ومع اطلاق رصاص غدره نحو هامات فرسان الحرية ..حاملي الورد الدمشقي والمطالبين بالحرية والعدالة والكرامة استكمل نظام الطغيان عدم مشروعيته بالمطلق حيث لجأ لخياره الأمني والعسكري من أجل سحق الثورة رافعا شعاره البربري ( الأسد أو حرق البلد !!) بدل أن يذهب نحو خيار عقد مؤتمر وطني جامع يُسطر من خلاله عقد اجتماعي جديد يفضي بسوريا الحبيبة نحو دخول العصر من أوسع أبوابه ..لكن ..يا طالب الدبس من..
الرفاق الأعزاء
لقد نجح نظام العسف والفساد والاستبداد من تعكير صفو الثورة وذلك من خلال استناده لترسانته الأمنية المهولة والضليعة بالإخراج والفبركة والخبث حين اطلق قوى التشدّد والظلام من سجونه بعد أن أثخن الجراح بشعبنا وذهب بالاستفزاز الطائفي إلى أبعد الحدود من أجل الباس الثورة ثوباً غير ثوبها فعسّكرها وأسلمها لكي يحرفها عن مسارها الصحيح و ليبرر سحقها.
وحين نال التّعب الكثير من مؤسسته العسكرية استنجد بملالي الظلام والفتنة والدم لتعيث فساداً ولتؤجج استعار الحمى الطائفية من خلال استنادها لثارات لا أصل لها في الواقع السوري دافعة إياه نحو مزيدٍ من العبث ..وعندما انهكت بدورها استجلبت والنظام الاحتلال الروسي ليستكمل عملية إغراق الثورة بالدم من خلال إعادته لنموذج غروزني حائزاً على الضوء الأخضر من قوى الثورة المضادة إقليمياً ودولياً .
اليوم وبعد أن وصلت القوى التي ركبت موجة الثورة زوراً وبهتاناً إلى انسداد أفق حقيقي …وبعد أن فقد النظام كل احترام من قبل أسياده لمقامه الزائف أضحى بلدنا مهدّماً ومستباحاً وفاقداً للسيادة …وهذا يعني أن ثورتنا ووطننا أصبحا أمام معضلة مزّدوجة تتمثل بالعمل على طرد الاحتلالات القائمة واستكمال مهام الثورة وهذا يتطلب التوقف ملياً أمام العبر والدروس التي أفرزتها السنوات السبع من محنتنا القاسية والبحث الجاد عن تشكيل أوسع إطار جامع للقوى الوطنية والديمقراطية المؤمنة بسوريا دولة مدنية علمانية ديمقراطية يظللها عقد اجتماعي عابر لكل مكوّنات ما قبل الدولة من طائفية ومذهبية وقبلية وجهوية ..دولة تحترم المعتقدات الدينية كافة وتمنع زجّها في أتون التنافس السياسي وتوفر المناخ الصحي للتعددية الحزبية واحترام حقوق الإنسان.
الرفاق الأعزاء
كان بودي أن أتابع المسيرة معكم وهذا شرف كبير لي لكن وضعي الصحي حال دون ذلك راجياً أن اسهم لاحقاً بما استطيع أن أقدمه من خلال قلمي وجهدي المتواضع .
أقبل هاماتكم جميعاً أيتها الرفيقات والرفاق الأعزاء راجياً لكم الموفقية في أعمال مؤتمركم الثاني من أجل ولادة يسار سوري جديد يفيد من الماضي ويدخل إلى المستقبل بخطى واثقة.
رفيقكم
مصطفى الدروبي
عضو المكتب السياسي
فرنسا في صبيحة 2018 – 07 – 12
Social Links: