نعم.. أنا قتلتُ حمزة الخطيب – عبد السلام حاج بكري

نعم.. أنا قتلتُ حمزة الخطيب – عبد السلام حاج بكري

نعم.. أنا قتلتُ حمزة الخطيب

عبد السلام حاج بكري

يوم قتله بشار الأسد خرج السوريون لنصرته، ملؤوا الساحات مطالبين بالحرية التي خطّ حروفها مع زملاء له على جدار مدرستهم، وساعين للقصاص من قاتله، حمزة الخطيب، قُتل ألف مرة، بدأها بشار واستمر بتكرارها حتى اللحظة، ولاحقا شاركناه أنا وأنت حفلة الدم، كلٌّ منا بحجم تقصيره عن متابعة ما بدأه هذا الطفل الحوراني السوري الشهيد.

الخطيب ورفاقه وكل أطفال سوريا وكل سوري طبيعي ينشدون الحرية ويحلمون بيوم لا بشار الأسد فيه بما يمثله من إجرام وديكتاتورية، ولكن الفرق كبير بين من عمل واجتهد من أجل الحلم السامي وبين من تقاعس، فهذا الذي تقاعس جعل ممن قدموا حياتهم ومستقبلهم أضحية مجانية، فرحلوا وخسر.

من أوقف معارك جبهته مع النظام يوم حوصرت داريا والمعضمية والغوطة ووادي بردى والزبداني ومضايا، قتل حمزة الخطيب، ومن لم يهب لنصرة بانياس والصليبة وجبلة وتلكلخ عندما اقتحمها الشبيحة وفتكوا بالمتظاهرين السلميين، ومن لم يهبّ لصد هجوم ميليشيا حزب الله على القصير قتل الطفل مرة جديدة.

من ارتبط بـ”الموك” و”الموم” وخاض معارك معدّة الأحداث والنتائج، من ومن ومن…؟؟ الفصائل عموما “ما خلا القليل” أمعنت في جسد الخطيب، وغالبية السوريين الذي نسبوا أنفسهم للثورة والمعارضة لم يقصروا في تشريحه.

من أطلقوا لحاهم ورفعوا الرايات السود، من فاوض الروسي والإيراني، من نام ورفيق ثورته في مكان آخر ساهرا يجابه الأسد، من سيّس أموال الإغاثة والدعم وربطها بالانتماء والحزبية، من سرق، من فسد وأفسد، هؤلاء سمحوا للأسد بالوصول إلى قبر حمزة وهدمه.

كل من تأخر بالخروج في المظاهرات السلمية ومن لم يخرج، وكل قادر على حمل السلاح غادر البلد، ومن امتلك ليرة يمكن التخلي عنها لصالح المنكوبين، لهم يد بجريمة مقتل حمزة الخطيب.

أكثر من كرّر قتل حمزة الخطيب بعد بشار الأسد هم من تصدر مشهد المعارضة، كانوا الأكثر فسادا، تنازلوا عن كل حقوق السوريين، باعوا الثورة برفاهية الاستضافات الخارجية والأموال غير المراقبة، سلموا ما بأيديهم من مفاتيح لمن دفع حيانا وضغط حينا آخر، لم يصمدوا ولم يواجهوا أصلا، حتى وصلوا لتوقيع صكوك ملكية المناطق واحدة تلو الأخرى لبشار الأسد عبر الروسي المخاتل.

وحتى لا نستمر في جلد الذات، لا بد من الإشارة إلى أن الاتفاق الكونيّ غير المسبوق على الوصول إلى ما نحن فيه اليوم، كان أكبر بكثير من إمكانات الصمود في وجهه، تم توظيف أقذر البشر والميليشيا الطائفية وأكبر دولة مافياوية، مُوّلت بعشرات مليارات الدولارات، واستخدمت كل صنوف الأسلحة الفتاكة حتى المحرّم منها دوليا لمنع السوريين من تحقيق غاياتهم المحقّة ومنعهم من السير في الطريق التي تصل إلى حيث حلقت أحلام الشهيد حمزة الخطيب، أو القصاص له ولرفاقه.

إن تحققت العدالة يوما في سورية يجب أن تطالنا جميعا كل بما ارتكب، ولن تكون عدالة عادلة إن لم تسأل الصحفي لماذا قصّر في نقل الصورة، والمثقف لماذا هاجر، والشيخ لم اهتم بتكبير كرشه، ونسي تصحيح الخلل الذي نشره المتطرفون، والإسلاموي لماذا عمل على أسلمة التعليم على حساب العلوم، وصبّ جل اهتمامه على تولي شؤون التربية والتعليم لتحقيق هذه الغاية، وابتعد عن فكر الثورة والحرية.

ولكن هل تعيد العدالة حمزة الخطيبِ وما يقارب المليون ضحية إلى الحياة، لا، لذلك لن تكون هناك عدالة، كما لن يحاكم إلا القليل القليل، وليس ذلك من أجل العدالة نفسها بل من أجل ذر الرماد في عيون التاريخ، كي لا يكتب أن المجرمين عاشوا طلقاء مكرمين بما قتلوا ونهبوا.

  • Social Links:

Leave a Reply