سجون هيئة الجولاني لا يشبهها إلا سجون نظام الأسد

سجون هيئة الجولاني لا يشبهها إلا سجون نظام الأسد

شهادات حية من داخل إدلب

بقلم ريم

دائما ما يتطرق النقاد إلى مواقف جبهة النصرة السياسية، أو الإيديولوجية. لكن حتى اللحظة لم يتطرق احد بشكل كافي أو مفصل. للجانب العملي كسير المحاكمات. ونظامهم في التعامل ضمن دوائرهم كالمحاكم المدنية والسجون. وعن التهم التي تكون محضرة مسبقاً لأي ناقد أو ثائر يتجرأ على الطعن بنظامهم. كتهم العمالة والخيانة والتعامل مع جهات خارجية. وانه لا يخفى على احد عقوبة ذلك. وهي الإعدام. فكما تدعي جبهة النصرة. أن أي شخص يتعامل مع أي جهة خارجة مهما كانت التوجهات التي تتبناها. فانه يشارك في هدم حصنهم وخلافتهم ويحرض على نشر الفتن والفوضى بين المسلمين. ولذلك فإنه يستحق حكم الإعدام. علماً أن غالبية من تم تنفيذ حكم الإعدام بهم. لم يكونوا سوى ثائرين قد تطرقوا ربما بشكلٍ علني لظلمهم. وطالبوا بتغير الوضع…

ولا تكتفي الهيئة بقتلهم وقتل أفكارهم. بل تتعمد إصدار الأحكام عليهم والتهم. كالخيانة للثورة والتعامل مع النظام والجهات الخارجية وغيرها من التهم الباطلة. كي لا تظهرهم كأبطال في عيون الشعب. بل تعمل على جعلهم مجرد خائنين انساقوا للظلم. كي لا يتبنى احد أفكارهم بعد إعدامهم

لذلك. وهنا. قررنا أن نقدم بعضاً من المشاهد الحقيقة لأشخاص كانوا قد مروا بمعتقلات جبهة النصرة. وعن ماهية تعاملهم مع المعتقلين. والأحكام الظالمة التي يتم تطبيقها على المعتقلين الذين لا حول لهم ول اقوة أمام وحشيتهم. فانه وكما قال احد الناجين “عندما كنا نتعرض للتعذيب لم نكن نستطيع التفكير بأيدي من نحن؟ النظام السوري أم الجبهة التي تدعي حماية المدنين والثورة؟ وبالعودة للقصص التي كنا قد سمعناها عن معتقلات النظام. أدركنا بان لا فرق بينهم وبين من نتعرض للجلد على أيديهم في هذه اللحظة”

ان أساليب التعذيب المتبعة داخل معتقلات الهيئة. لا تختلف مطلقاً عن الأساليب المستخدمة في سجون النظام المجرم..وهذا ما تحدث به الكثير من المعتقلين السابقين لدى النظام. والذين حدث وان تم اعتقالهم من قبل الهيئة ليمروا بتجربتين مختلفتين ومتشابهتين كثيراً.

وبعض من تلك الأساليب المشهورة والتي ذكرها الناجين كانت  “بساط الريح _ التابوت _ النوافذ الانفرادية_والبلنغو”.

حدثنا احد الشبان الذين كانوا في سجون الهيئة. أن محطته الأولى من اعتقاله كانت “فرع الأمن الجنائي في مدينة إدلب” والمسؤول عن التحقيق هناك كان “أبو عبدو كورين”. وهو أكثر الأشخاص سمعةً سيئة. فقد كان يتبع بدايةً أسلوب التعذيب النفسي. فعند دخول الشاب معصب العينين للفرع وتحديدا لغرفة التحقيق كان قد سمع صوت صراخ المساجين أثناء تعرضهم للتعذيب. فشعر بالخوف واخذ يستعطف المحقق “أبو عبدو كورين” قائلاً. “مشان الله ياشيخ والله انا مجاهد متلكن”

فرد عليه المحقق بجملته المعروف بها ضمن التحقيق “شيل الله عجنب. هون ما تحلف لان محد بصدقك”

ثم اقتاده للمعتقل حيث كان قد رأى الكثير ممن يتعرضون للتعذيب في طريقه. وحدثنا عن طريقة تعذيب كانت قد أرعبته. حيث شاهد رجلا في متوسط العمر معلقا بالسقف من يديه وقدميه بطريقة عكسية. حيث كان السجانين يقومون بتدويره في الهواء ويبدؤون بجلده.

وان اغرب القصص وأكثرها مأساة. قد رواها احد الأشخاص والذي كان في زيارة لأحد أقربائه في سجون الهيئة. فمع تلك الدقائق القليلة التي كان قد قضاها واقفا يستفسر من قريبه عن أحواله في السجن. كان قد باشر بسؤاله عن احد الأطفال والذي قد رآه وهو ممد فوق غطاء متهرئ واثنان من السجانين يحملونه ليرموا به بالزنزانة. اخبره قريبه أن هذا الطفل البالغ من العمر احد عشر عاما.  متواجد معه في نفس الزنزانة. والتهمة التي تبقيه هنا هي سرقة الدجاج وإحداث الفوضى.

إن تهمة كهذه تعطيهم الحق بتعذيب طفل وجعله يرى كل تلك الوحشية من معاملتهم. فقد كان الطفل لا يتحمل تعذيبهم معظم الوقت فيضطروا لحمله على الغطاء ليعيدوه حيث الزنزانة التي لم يحدث أبدا أن كانت مكانا مناسبا لتأديب الأطفال. إلا أن للهيئة رأي أخر حيال الأمر.

وقصة مشابها لما رويناه. تقول إحدى المعلمات في مخيمات قرب مدينة الدانا شمال إدلب، أن احد الأطفال كان قد سرق “راوتر” من منزلها. ثم قام بسرقة أخرى. وعندما علمت المعلمة قامت بتوبيخ الطفل ولكنه أعاد السرقة. فقام والدها بالتبليغ عنه للهيئة. رغم انه لم يتجاوز الثانية عشر. بعد اعتقاله من قبل الهيئة بقيت أخباره منقطعة مدة أسبوع حتى سمح لوالده بزيارته. وعند عودة الأب ذهب مباشرةً لمنزلة معلمة طفله راجيا إياها بسحب الشكوى التي قدمها والدها. فقد اخبرها أن طفله بالكاد يستطيع التحدث والسير من هول التعذيب الذي تلقاه في هذا الأسبوع من اعتقاله. لم تتمالك المعلمة نفسها وذهبت رفقة والدها لرؤية الطفل. وسحب الشكوى. وقالت انه عندما شاهدت الطفل بعد ما تلقاه من تعذيب “تأديب كما يقول السجانين”. كانت قد شعرت بكونها مذنبة وأنها شاركت بما تعرض له الطفل. وعندما طالبت بسحب الشكوى وإخراج الطفل، ولكن لم يوافق أتباع الجولاني وقاموا بطردها هي ووالدها رغم توسلاتها وأخبارهم انه احد طلابها وهي من يجب أن تأدبه. لا أن يتعرض للتعذيب بهذا الشكل وداخل معتقل.

ويقول احد الناجين من سجون الجولاني. انه خلال الشهرين التي قضاها في المعتقل. كانت أكثر قصة قد أثرت به وحازت على استعطافه وحزنه. هي قصة رجل مسن من ريف إدلب اعتقل هو وأولاده الثلاثة. لان قريبهم كان قد اتهم بسرقة سيارة. وعندما لم تتمكن الهيئة من القبض على القريب لجئوا لاعتقال الأب وأولاده. كان أكثر من تعرض للتعذيب هو والدهم المسن. حيث كان يتعرض للتعذيب على بساط الريح أو التابوت رغم كبره في السن. وكان يلجأ الأب المسن لاستعطاف السجانين أثناء التعذيب ومناداتهم بأولادي. لكن ذلك لم يفلح معهم واستمروا بتعذيبه لمدة شهرٍ كامل وعندما لم يعد باستطاعة الأب المسن تحمل التعذيب أو رؤية أبناءه يتعرضون للتعذيب، يقول من روى القصة. أن الأب في النهاية بات يستفزهم ويتلفظ بألفاظ تزعجهم وربما تجعلهم يقومون بإعدامه. وهذا ما كان يريده بعد أن فقد الأمل بخروجه.

ولكن وبعد كل الظلم الذي تعرض له. أصدرت المحكمة الشرعية قرارا بأنه وأبناءه أبرياء. وقدموا اعتذارا لهم قائلين إن ما فعلوه كان واجبهم وأنهم مضطرون لذلك.

يقول راوي القصة والذي يبلغ من العمر ١٨ عاما.. أن بخلاف قصة هذا الأب وأولاده. كان رفاقه بالزنزانة غالبيتهم من الشباب بين عمر ١٦ – ١٩ واحد هؤلاء الشباب كان قد اعتقل ثلاث مرات. وذلك لان قريبه منتسب للهيئة. وبسبب الخلافات بينهم. كان قريبه دائما يقوم باعتقاله وإذلاله مستغلاً منصبه في هيئة الجولاني.

وقد كان ذلك الشاب هو الأكثر تعرضا للتعذيب. فيقول راوي القصة “أننا جمعيا كنا نحاول دائما التطوع لأخذ التعذيب مكانه لان جسده كان بمرحلة من الانهيار تجعله يتلوى ويبكي في كل مرة يعود فيها إلى الزنزانة بعد جلسات التعذيب التي يتعرض لها. ورغم ذلك لم يكن السجانين يوافقون على كلامنا مستمرين في ممارسة وحشيتهم على الشاب……

وعن طفل في الثالثة عشر من العمر قد اعتقل بسبب تهمة بسرقة نافذة ألمينيوم. وانه كان الطفل الوحيد في الزنزانة وان غالبية من معه كانوا مجرمين بحق، كرجل كان قد اغتصب ابنتاه. وأخر متهم باغتصاب زوجة ابنه وشاب أخر كان يعمل مديرا لشبكة دعارة. والكثير من تلك القصص التي اضطر الطفل أن يتعايش مع فاعليها لأشهر عدة.

 

ويجب علينا التطرق لموضوع اعتقال النساء.. فاحد الشباب المعتقلين. يقول انه عندما كان في فرع الأمن الجنائي تم وضعه في زنزانة كان لوحده بها. وفي الزنزانة التي كانت أمام زنزانته كان بها شابتان. أحداهن مسلمة والأخرى مسيحية. كانوا قد وضعوهم هنا مؤقتا قبل اقتيادهن للسجن المعروف باسم “سجن الكهربا” لم يتمكن الشاب من الحديث معهم مطولاً لأنهم كانوا يجرون محادثاتهم بالسر. ولكن الرسومات التي كانت على حائط زنزانته والتي تم رسمها بقطعة فحم. قد أثارت فضوله فقام بسؤال الفتاتان عن من كان في الزنزانة قبله. فقالوا أنها شابة مسيحية أيضا. بقيت في فرع الأمن الجنائي لثلاث أيام وبعدها تم تحويلها. ولم يعلموا ما تهمتها والى أي فرع قد قاموا بأخذها فيما بعد. كانت إحدى الكتابات التي خطتها الشابة “إذا تجرأت على الظلم. تذكر إن الله فوقك” وذلك ما اثر بالشاب كثيراً وجعله يروي لنا تلك القصة

  • Social Links:

Leave a Reply