بعدما فات القطار !!
رؤى عبد الصمد
كنت ذاهبا” إلى مدينة A و في محطة القطار استوقفتني امرأة مع ثلاثة من أولادها و سألتني :
-متى يسافر القطار إلى المدينة B ?
قلت لها :
-في الساعة الخامسة أي بعد ثلاث ساعات
قالت :
- أوف ، غريب ، قالوا لي أنه سينطلق بعد ساعة فقط ، و أين سأذهب طوال هذا الوقت ؟!
كان الجو باردا” ، و عندها قلت :
-هناك استراحة قريبة من هنا تفضلي معي ، أنا ذاهب إلى هناك ..
شكرتني المرأة و أوصلتها المقهى ، جلست مع أطفالها على طاولة و طلبت بعض المأكولات و جلست أنا على طاولة مجاورة ..
بعد ساعة و نصف ، دفعت فاتورتي و لبست معطفي و تجهزت لمغادرة الاستراحة فقطاري سينطلق بعد نصف ساعة ..
خطر ببالي أن أفتح برنامج مواعيد القطارات من موبايلي لأتأكد أن لا تغيير في موعد القطار ..
يا للدهشة ، لقد أخطأت بقطار المرأة فقطارها ذهب منذ ساعة أي كان كلامها صحيحا” و فاتها القطار بسببي ..!!!
ماذا أفعل ؟! أأقول لها الحقيقة و أعتذر عن خطأي ؟ و ماذا سيفيدها ذلك ، و هي لن تتقبل اعتذاري بطبيعة الحال ، ستشتمني و توجه لي أقدح الألفاظ ..
الأفضل أن أذهب بسلام ..
و هنا انتبهت المرأة أنني أتهيؤ للرحيل فقالت لي :
-شكرا” لمساعدتك ، رافقتك السلامة ، و الله يكتّر من أمثالك !!! قطارنا سينطلق بعد ساعة و نصف أليس كذلك ؟
هززت رأسي و قلت : - نعم بالتأكيد …!!!
رؤى عبد الصمد
هذه هي قصة الحياة ، ندرك حقيقتها بعد فوات الأوان ، و لكننا نكتم هذه الحقيقة خوفا” من أن يوجه إلينا اللوم و الانتقاد و الألفاظ القبيحة ، فنؤثر السلامة و نؤكد على صحة الطريق الخطأ الذي اخترناه
هكذا أباؤنا و أجدادنا فعلوا معنا .. كتموا الحقيقة عنا بعدما اكتشفوها في آخر عمرهم ، كي لا نوجه لهم النقد و اللوم ،
و هكذا نحن سنحتفظ بالحقيقة لأنفسنا و نترك أبناءنا في الجهل الذي كنا فيه قبلهم
و هكذا يستمر توريث الجهل و يستمر إخفاء الحقيقة !!
رؤى عبد الصمد
٢٠١٧
Social Links: