نوار نورة البحرة – نعيم

نوار نورة البحرة – نعيم

نوار نورة البحرة
نعيم!…..
 
.
 
.
 
تشابك رمشاه الطويلان
 
باعد أهدابه بصعوبة
 
طرف لحيظات
 
أغشى النور مقلتيه الحوراوين
 
عقدت الدهشة لسانه الطفولي الصغير
 
استند على كفيه
 
نهض، وتطلع حوله مدهوشاً!
 
لم يصدق مايراه
 
نظر إلى قدميه متعجباً:
 
كانتا تزهوان بحذاء أحمر لماع، طالما حلم به!
 
وقف، ثم طفق يرقص برشاقة، وبرؤوس أصابعه يلمس برفق، بزته الجميلة السوداء اللامعة، مثل بدلة أبيه التي رآها في صورة عرسه، يلبسها، ذات يوم بعيد!…..
 
وهذا القميص المزركش، بالدانتيلا البيضاء، حول الياقة الصغيرة، وهذه العقدة الحمراء، تلمع مثل بالون موشى ببريق مشع!….
 
شاهد في زجاج واجهة محل، إلى يمينه، انعكاس صورته، مُعجباً!!….
 
أسند أنفه الصغير على الزجاج البارد كالصقيع، تدلت خصلةٌ من غرته، تحجب عنه، رؤية الحلوى المصففة على الرفوف، داخل المحل!
 
دار ماشياً بخفة، متجهاً نحو الباب، كالمسرنم…..
 
دفعه برقة….
 
ودلف…
 
لايمنعه أحد….
 
ألقى نظرةً إلى داخل المكان الزاخر بالأطايب، تدعوه بصمت، إلى وليمة فاخرة!…..
 
لم ير حوله أحداً، مطلقاً!……
 
.
 
 
 
فتش في جيوبه، عساه يجد قرشاً،
 
لعل بائع الحلوى، يظهر فجأةً!
 
لم يجد قرشاً، لم يأت أحدٌ أيضاً!…………..
 
 
 
.
 
 
 
وقف على رؤوس أصابع قدميه، مترنحاً، قرب أول رف يطاله، تكاد رائحة الحلوى الشهية تزكم أنفه الذي أسنده قرب علبة صففت فيها حبات الشوكولاته اللماعة، زكية العطر!….
 
تنشَّق بعمق!
 
زفر شهيقه بتأنٍّ…..
 
تلفت من جديد!….
 
لا أحد…..
 
.
 
 
 
مد أصابعه الصغيرة، التقط بخفة حبةً، ثم دسها في فمه بسرعة خاطفة…..
 
تذوقها كسِرِّ، لم يقضمها، لم يبتلعها حتى، بل بهدوء أخذ يمتص الرحيق العسليَّ النكهة متلذذاً!……
 
ثم دار بعينيه، باحثاً عن يد تمتد إلى أذنه، وتشدها!…..
 
لا أحد!…….
 
.
 
 
 
تناول حبةً ثانية،
 
ثم ثالثة،
 
ثم انتقل إلى طبق كبير مليء بحلوى مضمخة بالقطر، التهم واحدة
 
ثم أخرى….
 
ثم ثالثة!….
 
وتلفت!….
 
لا أحد…..
 
.
 
 
 
ملأ جيوبه بقطع الحلوى والشوكولاته، لوث سترة البدلة اللامعة، بسائل أحمر دافئ!…
 
وثب إلى الشارع بقفزة!
 
كأرنب صغير….
 
.
 
 
 
مدهوشاً، بالواجهات الزجاجية اللامعة المتراصفة، زاخرة بكل الأطايب التي كانت تلوح له في كل أحلامه، الجوعى!….
 
ثم، تقافز بين الأبواب يدفعها، يجمع الأطايب، يأكل….
 
لايشبع……
 
لايمتلئ….
 
لايستوقفه أحد…..
 
لا أحد…!…..
 
.
 
 
 
ثم، انتبه فجأةً،
 
إلى أنين بعيد، كان يخفت شيئاً فشيئاً!…
 
.
 
 
 
طرف برموش عينيه النجلاوين، إحداهما، التصقت رموشها تماماً، كأن شيئاً ما، لزجاً، جفَّ عليها فجأةً، كصمغ!…
 
.
 
 
 
انبعث نور ضعيف، خلال رموش عينه الثانية، تجلى له شبح رأس أمه، يكاد يلمس صدره، تنشَّقَ عطرها المضمخ، برائحة الخبز، طالما أسكره بدفئه!….
 
.
 
 
 
التقت عينه بعينيها المفجوعتين، ممتلئتين بالدمع، سمع صوت انفجار آخر، قريب جداً!
تتفجع من قلبها:
-آه ياحبيبي
آه ياولدي
 
ثم انطفأ كل شيء………

  • Social Links:

Leave a Reply