



إستشهاد فــرج الله الحلــو
نعرض القصيده الكامله للشاعر
نجيب سرور بمناسبة ذكرى وفاته التي تمر هذه الايام
والشاعر أديب مصري شيوعي ويعتقد أنه هو الآخر مات في سجون مصر.. وواضح من العرض أن الفيق فرج لبناني والرفيقنجيب هو مصري والاجرام تم في اقبية الآمن في سورية
هل يكرر التاريخ نفسه ؟
القصيده …
القـرنُ: يُــقالُ العشــرونْ
والعـام: التاسـعُ والخمسـونْ
لكنْ لا أذكرُ ما الشـَّهرُ
لا أذكر حتى ما اليـومْ
والساعةُ لا أعرف كـمْ
فهنــا..
في جوف الزّنزانـــةْ
خلفَ الشمسِ
يجري توقيتُ الغستابـــو
سألوني من زمن ٍ مااسـْمـُكْ؟
– “تيلمـانْ
أو شـُهدي..
أو فوتْشيـك
أو قولوا الحلــو
قولـوا ماشئتـمْ
أيَّ اسْــمٍ
عســَّافٌ إسمـي
عسـَّـافْ”..
جـُنَّ الغستابو وانفجرتْ
في وجهي آبـارُ الـَّدمِّ
فبصقتُ دماً ملءَ الفـمِّ
في وجه الغستابو الجَهمِ
وأنا أضحكْ
ركـْـلـه ْ…!
زعقوا… مااسْمـُكْ؟
إنســـانٌ
أيُّ إنســانْ..
إبـنُ العمـَّالِ أنا
من رأسي حتى قدمـيْ
من أغور أغـوار القـلبِ
جنديٌّ في جيش الشـَّعبِ
قربانٌ من أجل الحـزبِ
في مصرَ أنا
في سوريَّـا
في لبنــانْ
في العالم في كل مكــانْ
أنا وطنيْ كـلُّ القـارَّاتْ
أمشي في زحف العمـَّالْ
عسـَّافٌ إسمـي عسـَّافْ..
وأعـاد الغستـابو الكَرَّةْ
لا أدري في هذي المَـرَّة ْ
من أيــنَ الآبارُ الثـَّرَّةْ
في جسميْ كانتْ تتدفـَّقْ
حاولتُ كثيراً أن أبصـُقْ
جاهدتُ
ولكنْ لم أبصـُقْ
وتـدور الأرضُ
والسقفُ الصخريُّ يدورْ
وتدور الجـدرانُ تدورْ
ويلفُّ الأشياءَ ضبــابُ
وتغيب وجوهُ الغستـابو
وأغيبْ أنا…
القرنُ: يُـقـالُ العشرونْ
والعام: التاسعُ والخمسونْ
وحدي أنتظـرُ الغستابـو
وحدي..
وحدي؟!
ومئاتٌ من حـولي
ومئاتٌ من قبـلي
ومئاتٌ من بعـدي
وألوفُ ألوفُ العمـَّالْ
في الخارج لا بلْ في قلبـي
ورفـاقي كلُّ الشرفاءْ
في وطني يحضنهمْ شعبـي
أأنا وحدي؟
كنتُ أسيرْ..
وســْطَ دمشـقْ
والساعةُ منتصفُ الليـلْ
والبردُ رصاصٌ مسمـومْ
والـريحُ تنـوحُ كما بومْ
والشارع.. خـالٍ من نسمةْ
ودمشقُ
تلفـِّحـُها الظُّـلمةْ
والليل ضريرٌ
لم تبسمْ حتى نـَجمةْ
ويجيءُ نـُباحُ الغستابــو:
“يحيــا القائـدْ.. هايـْل الرائـدْ”
أذكرُ أذكــرْ
يذكرُ مثـلي فوتْشيـكْ
يذكرُ تيلْمــانْ
“يحيـا الفوهررْ.. هايـْـل هتلرْ”
أذكر ُ أذكــرْ
“يحيا الحسنــي
والحنـــَّاوي
والشيشكــلي”
أضحكُ… أضحكْ
يضحكُ كـلُّ العالـمْ
تضحكُ كـلُّ دمشقْ
يضحكُ كـلُّ الشرقْ
أيـن الفوهْررْ؟
صـِرتُ أفكـِّرْ:
أكبادي.. زوجي.. بيروتْ
وأبـــو زعبـلْ
أكبادي في كل العالمْ
يابيروتُ
من ماتَ
ومن سوف يموتُ
أو يحيا من أجل الشـَّعبِ
البردُ رصاصٌ مسمـومْ
والـرِّيح تنـوحُ كما بومْ
والشارعُ خـالٍ مِن نَسمةْ
ودمشقُ
تُلفِّحُها الظُّلمةْ
والنَّجمةُ تهمُسُ للنَّجمةْ:
“هجْمـةْ… هجْمـةْ”
فِرِّي..
قـد هجمَ الغستابـو
ضربـو.. ضربـو..
آهٍ..
لكأنِّي أركبُ أرجوحةْ
تعلو تهبطْ….. تعلو تهبطْ
غابتْ عنـِّي الرؤيـا
أسقطُ… أسقطْ
القـرنُ: يُــقالُ العشــرونْ
والعام: التاسـعُ والخمسـونْ
مطروحٌ مشلولُ الجسـمِ
أتلـوَّى فـي بـِركة دم ِّ
بعظامي شيءٌ
بعــُروقـي
بكيانـي يجري كالسـُّم ِّ
نادوني باسـْمي:
“فـرج اللهً!!
لكنِّـي أحيـا متنكـِّرْ في عسـَّافْ!!
عرفــوا إسمـي؟!
ممـَّنْ عرفــوه؟
هابيـلُ.. يطعنـُه أخـوه!!
مـِن قابيلْ؟ مـِن قابيـلْ؟
كمْ غيري في سجن المـزَّة؟
كمْ هابيـلْ؟ كم هابيـلْ؟
قلبي يتخطـَّى الأسوارْ
ويغافـِلُ كلَّ الحرِّاسْ
ليعانقَ كلَّ الشـُّرفاءْ
في حـِضنِ دمشقْ..
< كيفْ حالكْ ياجــارْ
لو تعـرفْ شـو صارْ>
هل عرفوا أنـِّي في المـزَّةْ
في قـَعرِ الجـُبّْ؟
هل كشفوا خنجرَ قابيـــلَ
في ظـَهرِ الحـِزبْ؟
القـرنُ:
يُـقالُ العشــرونْ
والعـامُ:
يُـقالُ الستــُّونْ
وأنا في الجبّْ
عينايَ على البـاب المُغـْلقْ
أذُنـايَ على الصَّمْتِ الأخرسْ
من بابِ فـُضولْ
ماذا في وِسْع الغستابو؟
خلـعُ أظافرْ؟
خلعـوها من أولِّ يــومِ
خرجتْ باللحـمِ وبالـدَّمِّ
لن تنبتَ ليْ بعـدُ أظافـرْ
ماذا في وِسْع الغستابو
فوقَ التعذيبِ الوحشـيّْ
فوقَ الكَـيّْ
أو صبِّ الماءِ المغليّْ
فـوقَ الباردِ
والباردِ فـوقَ المغليّْ
أسناني….!
هل بقيت سـنٌ في فكِّي؟!
عقبُ السيجارة في اللحمِ؟
حرقوا لحمي
هل يـُغرَسُ عقبٌ في العظمِ؟
قطـعُ لسـاني؟
هم أحـْوجُ مني للساني
ماذا في وِسْع الغستابـو
لمناضلَ غيرُ الموتْ
الموتُ لعيـنٌ ورهيبْ
لكن..
في جبِّ التعذيـبْ
لا نخشـاهْ…
نتمنـــَّاهْ
فالموتُ لنا مثـلُ الواحـةْ
والموتُ لهـمْ… للغستابـو
يعني الصَّمتْ
فالميـِّتُ مِن دون لسانْ
والحـيُّ لـه ألفُ لسانْ
قد يضعفُ يومـاً
قد يركـعْ
يتخاذلُ… يرضخُ… ينهارْ
ويبوحُ بتلـك الأسرارْ
سأموتُ لكي يحيـا الشـَّعبْ
*
حَمَلُوني فوقَ النَّقــَّالة
هبطوا سُلـَّمْ
ساروا.. لفـُّوا
دخلـوا غـُرفـةْ
داخـلَ غـرفةْ.. داخـلَ غـرفةْ
وقفـوا..
حَطـُّوا النَّقــَّالةْ
< ماذا بجراب الغستابـو؟ >
– من هذا…؟
هل تعرف من…؟
وأشاروا للشَّخص الواقفْ
بصري من أيامٍ يضعفْ
لكـنْ أعرفْ
أعرفُ من!
< لا، لا أعرف >
خــانَ النــَّذْلْ
قالَ: “وقـعـتْ..
قـد وقـَعَ الكـُلّْ”
الخائنُ هذا قابيـلْ..
كمْ غيري في سـِجن المـزَّة؟
كم هابيـلْ؟ كم هابيـلْ؟
منذُ متى أنتَ خائـنْ
ياخائـنْ
خذْ مِنِّي هذي البصْقـةْ
ألخائنُ يضحكُ مِنـِّي
يزعمُ أنـِّي
أحمقْ
ينصحُ أنْ أستسـْلمْ
قال: “خسـِرتَ اللـُّعبـةْ”
< لا لم أخسـرْ
هذا أوَّلُ شوطْ >
– هل تتكلَّمْ؟
فضحكْتُ
وجـُنَّ الغستابـو
وأعادوا وصلَ التيَّـارْ
قالوا: “لا جدوى في الصمتْ
قـلْ أو مُتْ..
لا تخجلْ.. قدْ قال الكـلّْ”
تلك قديمـةْ
قد شاختْ حـِيـَلُ الغستابـو
هاتوا الأخــرى
لن أتكلـَّمْ… لن أتكلــَّمْ
وأعادوا وصل التيارْ
ياللصـَّدمةْ
قالوا: “الحكمةُ
أن تـُنقـِذَ نفسـَكْ..
ماكـِنيـةُ أعضـاءِ اللـَّجنـة؟
من يعمل من أجل الجبهـة؟
أسماءُ بضعةِ أشخاصٍ
تلك الحـِكمةْ”..
قلبي يتخطَّى الأسوارْ
ويغافـِلُ كلَّ الحرَّاسْ
ليعانـقَ أعضاءَ اللجنـةْ
ويقبـِّلَ أنصارَ الجبهـةْ
< لا تخشـَوا لن أتكلـَّمْ
لا لن أتكلـمْ >
– لنجـَرِّبْ فيه المنفـاخْ
حـِيـَلُ الغستابـو الملعونةْ!!
أأنا أُنفـخُ كالبــالونةْ؟
أأنا أُنفـخُ كالبالونة..
القـرنُ:
يُــقالُ العشــرونْ
والعـامُ:
يُــقالُ الستــُّونْ
ألألـَمُ يموجُ علـى شفتـِيْ
والنار جحيمٌ في حلقي
حلقيْ جفّ
– إشربْ.. إشربْ
رفعـوا رأسي
صَبـُّوا قـَطرةْ
لكنْ لم يـُعطوني الأُخرى
يالَلبــُخلِ!
نـِصفي ماتْ
ويدبُّ الموتُ إلى نـِصفي
لكنْ
قلبــيْ في صدري
ما زال يــدقّ
ألشـَّرقُ الشــرقْ
بيروتُ دمشقْ
كلُّ العالــمْ
ياقلبـي
يا أعنـدَ قلبْ
ما زلتَ تـدقّ؟.
رفـَّتْ نسـْمةْ
في أعماقــي
غُـنـْوةْ.. غُـنـْوةْ
تأتي من أحضان الأرزْ
قلبي في أحضان الأرزْ
أرزةْ… أرزةْ
نغـْمـةْ… نغـْمـةْ
لكنْ
ماكلماتُ الغُنوة؟
ما الكلماتْ؟
“بطلُ الثورة إحْنا مَعاكْ”!!
< صمتاً صمتاً يا غستابـو
الشَّعـْـــ
< لكن ماكلماتُ الغُنوة؟
ما الكلماتْ؟
“بطلُ الثورة إحنا معاكْ” >!!
صمتاً صمتاً يا غستابـو
الشعبُ هو الثورةْ
الشعبُ هو الثورةْ
لكنْ ما كلماتُ الغُنوة؟
أنا لا أذكرْ
أسمعُ صوتاً وزعيقاً في الظـُّلمةْ
حارسْ:
“هايْل هتلرْ، هايْل هتلرْ”
أسمعُ صوتَ المزلاجْ
تيمورلنـكْ
يا زكريـَّا
يا سـرَّاجْ
أهلاً أهلاً
ماذا في وِسْع الغِستابـو
لمناضلَ غيرُ الموتْ
الآنَ تذكَّرتُ الكلماتْ:
< نِحْنا وِدْيابِ الغابـاتْ رْبينـا
بالليل الدَّاجي العتْماتْ مْشينــا
للغاب لْيالينا.. للرِّيــح غْنانينا
هِيْك.. هِيْكْ.. نِحْنا هِيْكْ رْبينا >
صوت:
مات بالأمس فرجْ
أيها العمالُ في كل مكانْ
منذ أن كانوا وكنـَّا
منذ كان العبدُ يعملُ ثم لا يـأكلُ
والسيـُّدُ يـأكلْ
منذ كان القِـنُّ يعملُ ثم لا يـأكلُ
والمالكُ يـأكلْ
منذ صارتْ قوةُ العاملِ سـِلعةْ
تضمنُ الرِّبـحَ لربِّ الرأسـِمالْ
قد أرادوها
إبــادةْ!
حسناً..
فلْيـأخذوها
لا هوادةْ
أيها العمال في كل مكانْ
أيها العمال كونوا يقظينْ
صوت:
ماتَ من قبلي وقبلـِكْ
ماتَ من أجلي وأجلـِكْ
مات من أجل الملايين التي حولي وحولـَكْ
ماتْ..
ماتَ فرْجَ الله
صوت:
لا تقـلْ ماتَ فرَجْ
هو في قلبي وقلبـِكْ
هو في كل الملايين التي حولي وحولـَكْ
في المصانعِ
والمـزارعِ
والشـوارعْ
في الملايين التي تزحفْ
وتزحفْ
قـُدُمـاً لا تتوقفْ
هي كالأمواجِ
صفٌ بعدَ صفْ
كلما ماتتْ على الصَّخرة موجةْ
عاجلتـْها ألفُ موجةْ
هكذا البحر عنيدْ
أينما كان غنيٌّ بالرصيدْ
بألـوفٍ كفــرجْ
لا تقلْ ماتَ فــرجْ
صوت قالها فوتْشيكُ قبلـَكْ:
“نحن حبـَّاتُ البِذارْنحن لا ننمو جميعاً عندما يأتي الربيعْبعضـُنا يهلكُ من هولِ الصَّقيعْ
وتدوسُ البعضَ مِنَّا الأحذيةْ
ويموتُ البعضُ مِنَّا في ظلام الأقْبيةْ
غير أنَّا كلَّنا لسنا نموتْ
نحن حباتُ البـِذارْ
نحن يا هِتلرَ… يا فرعونَ نعلمْ
أن أطلالَ القبورْ
ستـُغطَّى ذاتَ يومٍ بالسَّنابـلْ
وسينسى الناسُ أحزانَ القرونْ
وسينسون السَّلاسلَ والمقاصلْ
والمنافي والسجونْ
وسنكسو الأرضَ يوماً بالزُّهورْ
وستأسو الفرحةُ الكبرى جراحاً في الصُّدورْ
عندما يأتي الربيعْ
نحن إن نحيا فمِنْ أجل الربيـعْ
حِكْمةُ التاريخ أن يغتالَ هتلرْ
ألفَ حبـَّةْ
ألفَ شهـدي وفـرجْ
ألفَ فـوتشيــكْ
ألف تيلمــانَ وأكثرْ
قبل أن يسقـُطَ هتلرْ
غير أنَّ الزَّرع يوماً سيقولْ:
باسـْمِ حبـَّاتِ البذارْ
باسـْمِ كلِّ الشـُّهداءْ
يضحكُ التاريخُ من هـِتلرْ
ويضحكُ
ثم يصمتْ..
عـاشَ للشَّعـْب فـرَجْ
مـاتَ للشعـب فـرجْ
ماتَ.. فليحيـا فـرجْ
لا تقـلْ مـات فـرجْ.
|
Social Links: