المخدرات تجارة “الشبيحة” الرائجة في أوساط شباب دمشق – أحمد مظهر سعدو

المخدرات تجارة “الشبيحة” الرائجة في أوساط شباب دمشق – أحمد مظهر سعدو

المخدرات تجارة “الشبيحة” الرائجة في أوساط شباب دمشق

 

انتشر في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام العديد من الظواهر الاجتماعية الخطِرة، التي أشاعها بشكلٍ رئيس (شبيحة) النظام، وعناصر من ميليشيات أجنبية تابعة له، ونقلوها إلى الفئات الهشّة الأكثر عرضة للتأثر والانحراف، ومنها ظاهرة تعاطي المخدرات والحشيش، في دمشق بين الشبان من طلاب المدارس والجامعات، ويُجمع مختصون في الشأن الإرشادي والاجتماعي على أن النظام يغضّ الطرف عن هذه الظواهر عمدًا في محاولة منه، لتفتيت ما بقي من نسجٍ قيمية وأخلاقية.

في هذا الموضوع، قال الأكاديمي في علم الاجتماع طلال مصطفى لـ (جيرون): “تُعدُّ ظاهرة الإقبال على المخدرات أحد أهم الظواهر التي انتشرت بكثافة، بين فئة طلاب المدارس في دمشق، ومن أبرز أسبابها التفكّك الأسري وغياب الأهل عن الأبناء ساعات طويلة، لعلة التزامهم بأكثر من عمل لسدّ الاحتياجات، في مقابل ارتفاع الأسعار الفاحش”.

أضاف: “يشكو معظم الطلاب السوريين من غياب التوجيه الأسري والمتابعة، ويعيشون بعزلة داخل أسرهم، ما يدفعهم إلى بناء عالمهم الخاص، وغالبًا تكون المخدرات الطريق الأسهل للخروج من الواقع الصعب، فضلًا عن انزياح السلطة المدرسية والتربوية لصالح (الشبيحة) ومتطوعي الدفاع الوطني، حيث لا يستطيع المعلم أو مدير المدرسة توجيه أي ملاحظة مسلكية للطالب، لا سيما إذا كان أحدٌ من أفراد عائلته (شبيحًا) أو متطوعًا في الميليشيات العسكرية التابعة للنظام”.

أوضح مصطفى أن غياب مرافق الإرشاد النفسي والاجتماعي عن المؤسسات التعليمية (المدارس والجامعات)، وكذلك الأنشطة الثقافية  كالمسرح والموسيقى والرسم داخل هذه الكيانات، كان لهما دور أيضًا في تسرّب الفكر الخاطئ والممارسات المنحرفة إلى جيل الشباب وأردف في هذا الجانب: “من شأن النشاط الفني والفكري، تخفيف الضغط النفسي عن جمع الشباب، الذي عايش أحداثًا مروعة، وعانى -وما يزال- الخوف والقلق الدائم من قمع النظام وأجهزته”، مشددًا على أن “وسائل التواصل الاجتماعي كان لها دور أيضًا في بثّ معلومات وتصورات خاطئة عن المواد المخدرة، بين شباب العاصمة”.

رأى مصطفى أن انتشار ظاهرة تعاطي الطلبة للمخدرات في مدارس دمشق هو “أمرٌ ممنهج ومقصود من قِبل النظام، وتغضّ الأجهزة الأمنية النظر عنها، بهدف إنتاج جيل سوري متصدّع نفسيًا واجتماعيًا غير مبالٍ بقضاياه الوطنية، ما يعطي النظام المناخ الملائم للسيطرة عليه، فيما بعد”.

في الموضوع ذاته، قال حسن طيفور، نقيب المعلمين الأحرار السابق، لـ (جيرون): “منذ اندلاع الثورة في آذار/ مارس 2011، عمّ الفلتان الأمني في المناطق التي يسيطر عليها النظام، ومع مرور الوقت، وتدهور الليرة السورية، وانتشار البطالة بسبب توقف معظم الأعمال والمشاريع، وعدم سيطرة النظام على المجتمع بسبب ارتفاع الأسعار، وفقد الكثير من المواد الغذائية وعدم تلبية احتياجات المواطنين؛ ساد الفساد والتمرد والفلتان الأمني، وبخاصة مع انشغال النظام في الحفاظ على الحكم بأي ثمن، وإطلاقه العنان للشبيحة من مختلف الجنسيات، كل هذه العوامل أدت إلى انتشار تعاطي المخدرات وحبوب الهلوسة، في المناطق التي يسيطر عليها النظام، بشكل عام، وبين الطلاب بشكل خاص، وخصوصًا في العاصمة دمشق”.

يعزو طيفور توسّع هذه الظاهرة إلى “سهولة الإدمان على هذه المواد؛ إذ إن أغلب من يتعاطون المخدرات هم من أبناء الضباط الموالين للنظام، والذين لهم سطوة خاصة على المدارس وإداراتها، وبشكلٍ مقصود، لا يلتفت النظام إلى مكافحة هذه الظاهرة، بسبب عدم استطاعته ضبط الأمن من جهة، واستحضاره ذرائع لاتهام الثورة، بخلق الفوضى داخل المجتمع، من جهة أخرى”.

  • Social Links:

Leave a Reply