د. محمود الحمزة
خلاف تركي روسي حول سوريا
سبوتنيك تهاجم “أردوغان” والأناضول تشكك في “نصر بوتين”.. مؤشرات على خلافات حول سوريا
دخلت وسائل الإعلام الرسمية الروسية والتركية في سجال على خلفية الهجوم الذي يشنه النظام السوري مدعوماً بالميليشيات الشيعية والطيران الروسي على ريفي حماة وإدلب، و تصريحات الرئيس التركي “رجب طيب أردوغان” التي أطلقها مؤخراً ضد بشار الأسد.
و هاجمت وكالة سبوتنيك الحكومية الروسية ” أردوغان” بشكل مباشر أمس واتهمته بالوقوف وراء التصعيد الميداني في سوريا وبتزويد “جبهة النصرة” بصواريخ مضادة للطائرات، بينما نشرت وكالة الأناضول التركية الشبه رسمية مقالاً تحليلياً يشكك في تصريحات بوتين وحقيقة نواياه تجاه سوريا.
وتحدثت” سبوتنيك” عن ماوصفته بـالـ”رعونة” في تصريحات أردوغان الذي طالب” الرئيس الأسد المنتصر بالتنحي” ، وذلك “بعد أن حسمت القيادة العسكرية السورية والروسية أمرها وبدأت بعمليات واسعة نحو معاقل النصرة في ريفي حماة وإدلب”.
وكان أردوغان قد وصف الأسد بـ”المجرم الذي يستحيل العمل معه”، مجدِّداً موقفه برفض القبول بحل سياسي في ظل بقاءه في السلطة بسوريا، بخلاف ما تطالب به موسكو.
وأضاف الرئيس التركي:” إن بشار الأسد دمّر سوريا وعليه أن ينسحب من اللعبة، ونقوم اليوم بإتمام محادثات أستانة وجنيف، ونريد أن يبني الشعب السوري على أساسها قراره حول مستقبله”.
وشدَّدَ أنه : “لا يمكن السير إلى حلٍّ في سوريا ببقاء الأسد في السلطة، فقد مارس إرهاب الدولة، وهو إرهابي ولا يمكن أن نجعله جزءاً من الحل، لأننا نكون قد ظلمنا القتلى وذويهم إذا اعترفنا بالأسد حاكماً لسوريا”.
وردت وزارة خارجية النظام السوري على تلك التصريحات حينها محمِّلة مسؤولية ما وصفته بـ “سفك الدم السوري” لأردوغان واعتبرت أن دخول قواته إلى الأراضي السورية هو “عدوان وإحدى صور دعم الإرهاب التكفيري”.
وكانت الخارجية الروسية قد اتخذت لهجة دبلوماسية في ردها على تصريحات أردوغان الأخيرة ضد الأسد، وقالت على لسان المتحدثة الرسمية باسمها “ماريا زاخاروفا”: “من الممكن التحدث عن أخطاء النظام السوري، لكن هكذا تقديرات لا تقوم على أي قاعدة قانونية”.
الوكالة الروسية: الهجوم على إدلب سبب لـ “جنون” أردوغان
اتهمت “سبوتنيك” أردوغان بالوقوف وراء القصف الصاروخي على مطار حميميم العسكري الروسي، وقالت إنه يتجه نحو التصعيد في الميدان رغبة منه في تأجيج الصراع من جديد.
وأشارت إلى تزويد “النصرة” – كما قالت – بصواريخ مضادة للطائرات كـ “أحد الخيارات التي لجأ إليها” أردوغان، مستشهدة بإسقاط طائرة تابعة لجيش النظام السوري بصاروخ حراري منذ أيام.
كذلك اتهمت الوكالة الرئيس التركي بخرق الهدوء في جبهات ريف اللاذقية، وقالت إن “توجه القيادة السورية نحو فتح معركة إدلب الكبرى من أهم العوامل التي ساهمت في إخراج الرئيس التركي عن طوره، كما يعتبر الهدف الروسي الجديد الذي يتضمن إنهاء النصرة في عام 2018 سبباً إضافياً لجنونه”.
ويقضي اتفاق خفض التصعيد الذي وقعت عليه أنقرة وموسكو وطهران بوقف القصف على محافظة إدلب كمنطقة رابعة من مناطق خفض التصعيد في سوريا إلا أن الهجمات العسكرية عليها تجددت بحجة وجود “جبهة النصرة”، ووصفها وزير الخارجية الروسي “سيرغي لافروف” بمنطقة “معقدة” بسبب ذلك.
الأناضول التركية تشكك في تصريحات بوتين
شككت وكالة الأناضول التركية في مقال لها بإعلان بوتين الانتصار في سوريا وتقليص قواته هناك، واعتبرته جزءاً من الاستراتيجة الانتخابية.
وقالت في تقرير للكاتب “يوري بارمين” الخبير في مجلس الشؤون الدولية الروسي إن إعلان الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” تقليص قواته في سوريا هو تكتيك سياسي في إطار حملته الانتخابية الرامية، لإقناع الجمهور محلياً ودولياً، بأنه نزع فتيل الحرب في سوريا ونجح بإلحاق الهزيمة بتنظّيم الدولة.
وأضاف التقرير أن روسيا تكافح حالياً من أجل تحويل الأنظار بما يخص سوريا، وإقناع العالم بأن إنهاء الصراع في البلاد يتوقف على نجاح العملية السياسية، وذلك عبر “حيلة الدعاية بحرَفية وجعلها مقنعة، خاصة أن وعود الانسحاب الروسي باتت لا تنطلي على أحد بالنظر إلى وعود مضللة مماثلة كانت في الماضي”.
وتحدث الكاتب عن سباق روسي أمريكي لإعلان النصر في سوريا حيث “يحاول كلا البلدين تصوير نفسه على أنه المنتصر في الحرب ضد الجماعة الإرهابية، ومن ثَمّ يحاولان ترشيد وجودهما بعد الحرب في سوريا.. وفي الواقع السياسي الجديد، الذي مفاده: “من يأتي أولاً يعمل أولاً” فإن من يدعي النصر أولاً هو الذي يقف ليجني فوائده، وهو بالضبط ما يأمل بوتين القيام به، لأنه يشعر بأن له الحق في إعلان الانتصار في سوريا، حتى لو كان فقط بالكلمات”.
ويرى المتتبع للإعلام الروسي تغيراً واضحاً في اللهجة حيال تركيا وأردوغان في كل مرة يتغير فيها مستوى العلاقات سلباً أو إيجاباً، وقد يكشف السجال الإعلامي ما لم تكشفه التصريحات الرسمية عن خلافات أساسية بين كلٍّ من موسكو وأنقرة حول سوريا ويمكن اعتبارها مؤشراً على وجود “هشاشةٍ” أو خلافات لم تحسم على الرغم من تكرار جولات “أستانة” بين الضامنين.
Social Links: