سبع سنوات مرت ومازال النفق السوري مغلقاً بنهايته فتضارب المصالح بين القوى الخارجية المتصارعة على الأرض السورية وأدواتها من القوى الداخلية على الأرض أدى لانتقال الصراع داخل سوريا من صراع بين شعب يريد الحرية من حاكم مستبد إلى صراع نجهل تاريخ انتهاءه.
فما هي هذه القوى وكيف يدار هذا الصراع:
أولا: الولايات المتحدة الأميركية: تدير الولايات المتحدة حرب استنزاف ضد روسيا الاتحادية التي تعرضت منذ فترة لأقوى هجوم على قواتها في سوريا منذ تدخلها العسكري المباشر، فقد قصف مطار حميميم بقذائف الهاون وتعرضت لخسائر كبيرة في العتاد حسب صحف روسية، أنكرها نظام بوتين واعترف بمقتل جنديين روسيين، وكان قبلها قد اغتيل ضابط روسي مهم، وبعدها تعرضت قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية لهجوم بطائرات مسيرة دون طيار. وتريد الولايات المتحدة لهذه الحرب أن تستمر حتى يستمر النزيف الروسي في سوريا، كما أن هذا الاستنزاف موجه إلى كل من قطر وإيران وتركيا والسعودية فالكل يشارك في هذه الحرب القذرة، إما بقوات مباشرة أو بالدعم المالي أو بكليهما، … كما أنشأت الولايات المتحدة عدد من القواعد العسكرية في سوريا وشاركت كغيرها في تكوين مليشيات تابعة لها، كمليشيات قوات سوريا الديمقراطية التي يسيطر عليها تنظيم ال PYD الارهابي وهو الفرع السوري من تنظيم BKK الارهابي التركي، مركزة على السيطرة على حقول النفط السورية، وأماكن أخرى على الحدود مع اسرائيل لتأمين الحماية لها.
ثانيا: روسيا الاتحادية: دفع غرور المافيا الروسية وعلى رأسها بوتين الطامح للزعامة واعادة مجد الامبراطورية الروسية للغوص في الأوحال السورية، فبدأ بالاستفادة من الحرب التي يشنها نظام الأسد على شعبه ببيع الأسلحة المكدسة في المستودعات وكانت ايران من يسدد الفاتورة لروسيا، ثم تطور الأمر لطموح آخر وهو السيطرة على البترول والغاز السوري وانشاء قواعد عسكرية دائمة في سوريا للحفاظ على المصالح الروسية وكانت الولايات المتحدة تشجع هذا التوجه الروسي بغية دفع الروس للخوض أكثر في المستنقع السوري وكانت البداية بالتنسيق بين الامريكان والروس حول ملف الكيماوي السوري وتطمح روسيا ان تكون اللاعب الأول في إعادة الاعمار، لكن احجام دول الخليج والغرب والولايات المتحدة عن دفع الأموال دون رحيل نظام الأسد يمنعها من تحقيق هذا الحلم حتى الآن.
ثالثا: إيران: صاحبة مشروع الهلال الشيعي مصلحتها تقتضي ببقاء نظام الأسد ليكون الجسر التي تعبر من خلاله الى حزب الله اللبناني والبحر المتوسط وتكون قريبة من حدود اسرائيل لتضغط من خلالها على الغرب كي تحقق مصالح توسيع هيمنتها على المنطقة وتعود لتكون قوة امبراطورية، مما جعلها ترمي بثقلها المالي أولا والعسكري ثانيا من خلال ازرعها العسكرية كحزب الله اللبناني والميليشيات العراقية والافغانية وكل القوى التي تسير في الفلك الإيراني كي تحافظ على نظام عائلة الأسد.
رابعا: تركيا: وقفت تركيا منذ بداية الثورة السورية الى جانب قوى الثورة والمعارضة وحاولت ان تستثمر من خلال انشاء معارضة خاصة بها “المجلس الوطني” فسوريا هي عمق استراتيجي لتركيا ونعلم عبر التاريخ أن التهديدات الكثيرة التي تعرض لها الأناضول جاء من الجنوب، من الشام، فالمصريين جاءوا عبر الشام واذينة وزنوبيا قدموا من الجنوب والفرس جاؤوا عبر الشام وابراهيم باشا ابن محمد علي والي مصر كاد أن يسقط الامبراطورية العثمانية ويستولي عليها لولا الدعم الفرنسي والبريطاني الذي حمى السلطان العثماني وأطال في عمر سلطنته، وقد أتى ايضا عبر بلاد الشام، أي أن سورية هي عمق استراتيجي للدولة التركية، وهي أيضاً السوق الأقرب لتصدير منتجاتها، وطريق بري لتصدير منتجاتها للخليج ومصر، وهي أيضاً مهمة لاستيراد المواد الخام وخاصة “البترول”.
لم يتدخل الأتراك عسكرياً في سوريا الا بعد أن جاء تهديد قوي للدولة التركية من قبل مسلحي PYD الذين حاولوا انشاء شريط حدودي بين سوريا وتركيا يتبع لهم، وحدث الصدام مع روسيا ومع خذلان الولايات المتحدة الأمريكية والغرب لتركيا جاء التحول واضحا ليتم صنع تحالفات مع روسيا وايران انشاء مسار آستانا بغية ابعاد خطر PYD عن حدودها، وتدخلت عسكريا وانشأت مناطق خاضعة لنفوذها العسكري المباشر بالتنسيق مع الروس والايرانيين.
خامسا: السعودية : كان موقف السعودية واضحا منذ البداية فهي تقف ضد مشاريع التوسع الإيراني في المنطقة من جهة ومن جهة أخرى فهي في عداء تقليدي مع الربيع العربي جعلها تقف لجانب ثورات الشعوب وتغرقها بالمال والسلاح والارهابيين، وكان هذا واضحاً من خلال دعم العرعور والجماعات المسلحة التابعة له في الشمال، ومن خلال دعم الحريري للقوى الثورية في الغرب من خلال لبنان، هذا العداء للربيع والثورات العربية جعلها تفشل أية محاولة لايجاد بديل ديمقراطي عن الأنظمة العربية لهذا سمحت للنفوذ الايراني بالتغلغل وفوجئت به على حدودها الجنوبية في اليمن، بعد أن أضعفت جبهة الثوار وعاد النظام القديم متحالفا مع قوى مذهبية طائفية ومن وراءها ايران ليسيطر على العاصمة اليمنية وعلى اجزاء كبيرة منها، ودخلت في صراع نفوذ مع قطر، فغرقت في الاوحال اليمنية وتشتت قوى المملكة وضعف موقفها في الساحة السورية بشكل خاص وفي المنطقة بشكل عام.
سادسا: قطر: لا يختلف موقفها في سوريا عن الموقف السعودي إلا من حيث الفصائل والقوى المدعومة فالموقف القطري الداعم للنصرة لا يختلف عن الموقف السعودي الداعم لأحرار الشام وقد ضعف الموقف القطري في المرحلة الأخيرة بعد الحصار الخليجي لقطر وضياع البوصلة القطرية في كافة قضايا المنطقة .
سابعا: العراق: لم تتردد الحكومة العراقية في الوقوف في صف المسار الإيراني بدعم نظام الأسد سواء من الناحية السياسية او الاقتصادية وذلك تحت عباءة مكافحة الإرهاب..
ثامنا: الأردن: لعب الأردن دور لاعب السيرك الذي يسير على الحبل فمرة يميل الى جانب النظام السوري منزركاً بمصالحه الاقتصادية والمعابر البرية والأمنية ومرة الى جانب المعارضة تماشيا مع الموقف السعودي المؤثر في الموقف الأردني.
تاسعا: البنان: لبنان الرسمي موقفه عدم التدخل في الشأن السوري والحياد أما لبنان الكتل والأحزاب فالكل تدخل في الصراع السوري وأوله حزب الله اللبناني .
عاشرا: إسرائيل: هي المستفيد الأكبر من الصراع في سوريا وتسعى لاستمراره وتطوره فهي تختار أهدافها بعناية وتقصف من تشاء في الوقت الذي تريده ويحتفظ الآخرون بحق الرد.
Social Links: