قصة قصيرة
حدث و يحدث
عمران كيالي
——
دخل إلى المنزل منهكا، بعد دوامه في الشركة، تسع ساعات من العمل المتواصل، بين صد و رد و خود و هات و حرق أعصاب .
صاح : يا مرا وين الأكل، فرطت من الجوع .
ليس لديه أكلة مفضلة، و لم يعترض يوما على ما تقدمه زوجته من طعام، فكله نعمة من الله، و كل الطعام فيه البركة .
أولاده الثلاثة ينطون و يقمزون و يلعبون بالطابة، الكبيرة دارين في الحادية عشر و الأوسط أحمد في السابعة و الصغير سامي في الثالثة من عمره .
-بسم الله الرحمن الرحيم، قالها ثم باشر بالطعام و هو يهمهم و يهمر .
-بابا ليش ما بتاخدنا ع الحديقة العامة ؟ (سألت دارين) .
-الجمعة، ما إلنا غير يوم الجمعة .
-هييييي، مناخد معنا الطابة . (صاح أحمد فرحا) .
قال صاحبنا : خدوا الطابة و الراكيتا كمان .
——
كان لصاحبنا هواية غريبة قليلا، فهو يحب اقتناء الفازات و المزهريات، و يقوم بوضع الورود فيها، أحيانا تكون الورود طبيعية، و على الأغلب بلاستيكية .
أولاده العفاريت كسروا جميع الفازات و المزهريات الموجودة في البيت عدا واحدة قام بوضعها فوق ظهر السكرطون (خزانة الملابس) .
في بيوت الدراويش، كما تعرفون، تكون الغرف صغيرة، و تضيق أرواح الأطفال فيها، خصوصا أنهم بحاجة إلى الهواء و إلى اللعب و الحركة، و هذان شرطان ضروريان للنمو الجسمي و العقلي .
لهذا، و لأسباب أخرى، هو لا يمانع في خروج الأولاد إلى الحديقة أو للزيارات العائلية، بل أنه كثيرا ما كان يلعب معهم و يفيدهم بما يتذكره من طفولته .
——
انتبه، بعد انتهائه من الطعام و شرب الجاي، بأن الفازة على ظهر السكرطون في غير مكانها، فنهض، غير متكاسل، و استعمل كرسي الخيزران للوصول إلى الفازة، التي، بعد أن أمسكها بيده، وجدها مكسورة .
غضب، فهذه هي الأخيرة من مجموعة الفازات التي أحبها، ألا لعنة الله على الطابة و على الغرف الصغيرة .
استدار إلى أولاده الثلاثة و صاح : مين كسر الفازة ؟
قالت دارين : أنا .
قال أحمد : أنا .
قال سامي : أنا .
……
……
……
في سره، دون أن يعلن ذلك أو يبديه، شعر بالسعادة، و نسي أنه يحب الفازات .
-لأنكم صادقون، فكلكم براءة، و رح أشتري لكم مشبك و ديربي .
-هييييي (صاح الأولاد) .
Social Links: