صادف يوم 9 أغسطس/ آب 2018 ذكرى مرور عقد على رحيل الشاعر العربي الفلسطيني محمود درويش، أحد أهم الشعراء الفلسطينيين والعرب والعالميين الذين ارتبط اسمهم بشعر الثورة والوطن، ويعتبر أحد أبرز من ساهم في تطوير الشعر العربي الحديث وإدخال الرمزية فيه. وإحياءً لذكراه عملت العديد من المؤسسات والهيئات الثقافية الفلسطينية والعربية على برمجة عدة أمسيات وأنشطة وفعاليات، تنبئنا أن الشاعر الراحل ما زال مقيمًا في الحضور.
مدينة حيفا المحتلة، ستحتفي بالشاعر في السادس من الشهر الجاري، وفي بيروت أطلقت الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم “كرسي الشاعر محمود درويش للأدب والشعر”، فيما أطلق (بيت الشعر) في إمارة الفجيرة “وسام محمود درويش للشعر العربي”، وفي المغرب رفع الستار عن معلقة خاصة لمناسبة اختيار الشاعر محمود درويش “رمزًا للثقافة العربية للعام 2018”. أما في القاهرة فقد خصصت مجلة (الأهرام العربي) العريقة، عددها الأخير لسنوات الشاعر الفلسطيني في القاهرة، تحت عنوان “محمود درويش.. أنا ابن النيل وهذا الاسم يكفيني”، وذلك من خلال نشر مجموعة من الوثائق والصور النادرة لصاحب (أثر الفراشة) من بينها أوراق تعيينه في صحيفة (الأهرام).
“فتوش” الحيفاوي.. ضيفًا على نفسي أحل
متجر ومكتبة (فتوش) في مدينة حيفا المحتلة، برمج أمسية يوم الخميس (16 من الشهر الجاري) للاحتفاء بشاعرنا، تحت عنوان “ضيفًا على نفسي”، إحياء لصوته وشعره وصوره وذاكرته وإرثه، بمشاركة الناقد الفلسطيني حسن خضر، والباحث الأكاديمي رائف زريق، والشاعرة أسماء عزايزة، والناشط الثقافي الكاتب عامر حليحل، وصديق الشاعر الأثير الروائي اللبناني إلياس خوري (عبر السكايب).
أما لماذا في حيفا تحديدًا؟ الجواب يأتينا على لسان صاحب “لاعب النرد”، الذي قال ذات حوار: “لقد عشت في حيفا عشر سنوات كاملة، وفي حيفا عرفت كلّ أنواع التجارب الأولى: تجربة الكتابة، تجربة النشر، تجربة العمل الصحفيّ، تجربة السجن، الاعتقال المنزليّ والإقامة الجبريّة. في حيفا ترعرعت شخصيّتي الشعريّة والثقافيّة والسياسيّة أيضًا. وبالتالي أستطيع أن أعتبر أن أكثر مكان موجود في نصي الشعريّ وفي تكوينيّ الثقافيّ هو حيفا، بدون شكّ، صحيح أنني لم أولد في حيفا، وحيفا ليست مدينتي، لكنّها مدينتي بالتبني، تبنّيت حيفا مثلما احتضنتني هي كواحد من أبنائها”. (مقابلة في صحيفة الاتحاد أجراها الكاتب هشام نفّاع/ 2007).
“كرسي محمود درويش” في بيروت..
في العاصمة اللبنانية بيروت، أطلقت الجامعة الحديثة للإدارة والعلوم، الجمعة، “كرسي الشاعر محمود درويش للأدب والشعر”، بمناسبة مرور عشر سنوات على غياب درويش. وقال وزير الثقافة اللبناني غطاس خوري: إن “الراحل قدوة للوطنية والعروبة والنضال، ويأتي هذا الإطلاق لتشجيع الشباب على العطاء والإبداع والتفوق”، لافتًا إلى أن “شعر درويش كان كله للقضية التي عاش ومات من أجلها”.
بدوره، أكد رئيس مجلس أمناء الجامعة حاتم علامي أن “الجامعة تضع هذه الخطوة على بوابة مرحلتها القادمة، وذلك تفسيرًا لمعنى وجودها وترسيخًا لانحيازها إلى أبجدية التغيير، ليس فقط من أجل تكريم الشاعر درويش، بل لأننا نحمل وصيته عملًا لمشروع ثقافي نأمل أن يحقق أهدافه”.
من جهته، أكد سفير فلسطين لدى بيروت أشرف دبور، أن “أشعار درويش لازالت فينا، وتزيدنا إصرارًا وثباتًا في وجه مشاريع تصفية القضية الفلسطينية”. مشيرًا إلى أن “تكريم درويش ليس تكريسًا للغياب، بقدر ما هو تخليد للحضور وللإرث الثقافي والشعري الزاخر في مكتباتنا العربية”، مشددًا على ضرورة حماية الجبهة الثقافية التي رفع رايتها في سبيل حماية القضية والإنسان.
ودعا دبور إلى “اعتبار كرسي محمود درويش للأدب والشعر، مدخلًا لتجنيد كلّ طاقات المبدعين، بالارتكاز إلى تراثه ومدرسته وإبداعه، كذلك محطة لتعزيز جبهةِ الثقافة في عمقِنا العربي الإسلامي والمسيحي”.
وقدمت فرقة الفنون الشعبية الفلسطينية (الكوفية)، لوحة فنية على وقع كلمات محمود درويش، فيما قدمت الفنانة سمر كموج مجموعة من الأغاني من كلمات اشاعر الراحل، كما ورسم الفنان التشكيلي برنار رنو لوحة له.
الفجيرة.. “وسام محمود درويش للشعر العربي”
(بيت الشعر) في إمارة الفجيرة أطلق “وسام محمود درويش للشعر العربي”، ويُمنح الوسام كل عام لشخصية أدبية شعرية، أسهمت في إثراء حركة الشعر، وقدمت خدمات ثقافية جلية في المشهد الثقافي العربي.
جاء ذلك خلال الندوة الشعرية التي نظمها “بيت الشعر”، في الخامس من الشهر الجاري، ضمن فعاليات (زاد المعرفة)، في مركز الكتب والتوثيق التابع لهيئة الفجيرة للثقافة والإعلام بالفجيرة، تحت عنوان: (قراءات شعرية.. محمود درويش الغائب الحاضر)، بحضور محمد علي الملا، نائب رئيس مجلس إدارة جمعية الفجيرة الخيرية، وجمع غفير من الأدباء والشعراء والمثقفين المقيمين بدولة الإمارات، ومتذوقي الشعر وأصحاب المواهب.
وقد حرص المشاركون في الندوة على إبراز جوانب مختلفة من حياة درويش تسردها قصائده، حيث شاركوا بمقتطفات متنوعة تصف مراحل مختلفة لحياة درويش، فكلٌ حسب ذائقته يقرأ من جماليات شعره، واستطرد المشاركون في الجلسة في قراءة قصائد عدة منها: (تنسى كأنك لم تكن)، و(العدو الذي يشرب الشاي في كوخنا) وغيرهما.
معلقة لمحمود درويش في وجدة المغربية
في مدينة وجدة المغربية، قام وزير الثقافة الفلسطيني إيهاب بسيسو بزيارة لمقر بلدية وجدة في المملكة المغربية، ورفع هناك الستار عن معلقة خاصة لمناسبة اختيار الشاعر محمود درويش “رمزًا للثقافة العربية للعام 2018″، حملت صورة له وعبارة باسم قصيدته الشهيرة (سجّل أنا عربي).
وقال وزير الثقافة والاتصال المغربي د. محمد الأعرج بالمناسبة: إن “اختيار الشاعر الفلسطيني الراحل محمود درويش، رمزًا للثقافة العربية برسم 2018 من طرف اللجنة الدائمة للثقافة العربية، جاء ليفتح أمام المدينة الألفية آفاقًا رحبة للاحتفال بالثقافة الفلسطينية في أبهى تجلياتها”.
“محمود درويش.. أنا ابن النيل وهذا الاسم يكفيني”
احتفاء مجلة (الأهرام العربي) بالشاعر الفلسطيني كانت من خلال نشر مجموعة من الوثائق والصور النادرة له عن أيامه في القاهرة، من بينها أوراق تعيينه في صحيفة (الأهرام).
وتأتي هذه الوثائق والصور التي تنشر للمرة الأولى، ضمن ملف في عدد المجلة الذي صدر يوم الجمعة الماضي، بعنوان: “محمود درويش.. أنا ابن النيل وهذا الاسم يكفيني”، والمأخوذ من قصيدة كتبها الشاعر عن مصر.
وقال الصحافي والشاعر سيد محمود، وهو الذي أعد الملف: إن “الملف يتضمن وثائق تنشر لأول مرة عن أيام درويش في مصر التي أقام فيها من شباط/ فبراير 1971 وحتى عام 1973 حين غادر إلى بيروت”..
وأضاف قائلًا: “من بين هذه الوثائق، قرار تعيين محمود درويش في صحيفة (الأهرام) في أكتوبر (تشرين الأول) 1971، بتوجيه من الأستاذ محمد حسنين هيكل الذي عينه براتب 140 جنيهًا في الشهر”. وتابع: “الملف يشمل -أيضًا- مستندات حول أوراق وتسويات مالية رافقت انتقال درويش من العمل مستشارًا بإذاعة “صوت العرب”، بعد أن عيّنه وزير الإعلام محمد فايق، وتم تعيينه في الأهرام بمركز الدراسات ثم القسم الأدبي ومجلة (الطليعة) مع الكاتب لطفي الخولي“.
كما يتضمن الملف توثيقًا لبعض القصائد والمقالات التي نشرها درويش في مصر، ولم تجمع قط في أي من مؤلفاته النثرية، وكان قد نشرها في مجلة (المصور) تحت رئاسة تحرير أحمد بهاء الدين.
إلى جانب الوثائق النادرة والقصائد وتتبع أيامه في القاهرة، يتضمن الملف تحقيقًا استقصائيًا شارك فيه رفاق للشاعر الراحل، من بينهم السياسي الفلسطيني مروان كنفاني، والصحافي الفلسطيني نبيل درويش، المدير السابق لإذاعة (مونت كارلو) في القاهرة، والكاتبة منى أنيس المحرر العام لـ “دار الشروق”.
يُذكر أن محمود درويش توفي في مستشفى “هيوستن”، في ولاية تكساس في الولايات المتحدة، عن عمر ناهز 67 عامًا بعد خضوعه لجراحة في القلب.
Social Links: