ولاء زيدان – شبكة شام:
في عام 2017، كتبت مقالاً حمل عنوان “هل تخلع “تحرير الشام” البزة العسكرية وتلبس “الطقم” … وهل ينفع ذلك …!؟”، بعد سلسلة من التحولات التي انتهجتها قيادة الهيئة في تلك الفترة، سبقها حملات عسكرية في التغلب والبغي أنهت العشرات من الفصائل المنافسة لها في الساحة بتهم عدة.
واليوم وبعد أربع سنوات مضت، وماشهدنا خلالها من تحولات كبيرة في بنية “هيئة تحرير الشام” وخطابها وتصرفاتها، وتوجهاتها، يؤكد جلياً أن الهيئة تركت طريقها القديم وعدلت مسارها بشكل ملحوظ، ولكن بتوجه وسياسة جديدة تتسم بالانفتاح خارجياً، يبقى السؤال الحاضر، هل بات هذا التحول لصالح الثورة أم مشروع جديد لمواصلة تعويم الفصيل.؟
في شباط الماضي، نشر الصحفي الأمريكي “مارتن سميث” الذي زار إدلب لقرابة نصف شهر، صورة مع “أبو محمد الجولاني”، قائد هيئة تحرير الشام، أثارت الصورة جدلاً واسعاً، للمظهر الذي بدا فيه الأخير مرتدياً “الطقم”، وهو ما كنت قد توقعته في مقالي قبل أربع أعوام، في إشارة للتحول الذي تنتهجها إدارة الجولاني صاحب الشخصية البراغماتية المتحولة القابلة لكل التبدلات وفق المصلحة.
ومن خلال تتبع حديث الجولاني مع “سميث” والذي نشر منه بعض المقتطفات اليوم، يرقب المتتبع لنهج الجولاني، حجم الإنكار للتاريخ والماضي الذي انتهجه، وكمية التضليل الذي مارسه، ونفي كل الممارسات، علاوة عن الانفتاح الكبير الذي عبر عنه في سبيل الخروج من التصنيف الدولي، وهو ذات الانفتاح الذي أعابه على باقي الفصائل وأنهى فيه قرابة 37 منهم.
“الطقم” الذي لبسه “الجولاني” حمل معان ورسائل كبيرة، داخلياً والأكثر خارجياً، ولكن لم يتساءل أحد كم كانت تكلفة هذا “الطقم”، فقد حاكه بعناية فائقة، وبدل قبله العديد من الأطقم والستر بألوان وأشكال متخفياً، ابتداءاً بالقناع واللثام، ولاحقاً بذات عسكرية وأخرى تنظيمية، ولاحقاً شعبوية، وصولاً للطقم الرسمي.
هذا التكلفة كانت من دماء وعذابات كل السوريين الذين دفعوا تكاليف باهظة جراء سياسة البغي التي انتهجها “الجولاني” ضد فصائل الجيش السوري الحر، فقتل واعتقل وسلم الكثير من المناطق، وانسحب وفاوض وفتح المعابر، كلها بتهم العمالة للغرب والتواصل مع دول يسعى اليوم هو لتبييض صورته لديها وتقديم أي تنازلات في سبيل ذلك.
أكثر من 37 فصيلاً عسكرياً أنهاه الجولاني ببغيه، واتفاقه مع أعداء حاربهم كتنظيمات أخرى من جند الأقصى وحراس الدين، وغيرهم، كانت عربون تفصيل هذا “الطقم الرسمي” الذي قدمه للغرب، ولدول عديدة، قدم من خلالها خدمات كبيرة في إضعاف روح الثورة ومحاربة ثوارها وفصائلها، وتفكيكها واحدة تلو الأخرى.
دماء كثيرة سالت باقتتالات داخلية، وسلاح صرف لضرب المحرر خدمت النظام، لا تزال الخصومات العائلية والخلافات بين الأخوة والأهل حاضرة حتى اليوم بسبب تحزباتها الفصائلية، يتحمل الجولاني القسم الأكبر من هذا التفكك، علاوة عن ضياع وخسارة أكثر من ثلاث أرباع المناطق التي انسحب منها بفصائله ورفع شعارات العودة فاتحاً ثم نسيها.
عذابات كبيرة لا يمكن وصفها أو عدها في السجون، لمعتقلين ومعتقلات من أبناء الحراك الشعبي السوري، رفع الجولاني شعارات الإفراج عنهم، وتاجر بمعاناتهم وعذاباتهم، ولكن نسيهم لتمكين المشروع، علاوة عن الممارسات المسجلة ضده في المناطق التي خضعت لسيطرته، وما قام به من قتل وترهيب وسجن واعتقال وتعذيب في سجونه ولا يزال.
ويعتبر متابعون ومطلعون على التحولات المستمرة في مسيرة “الجولاني” أن النهج الجديد الذي يتبعه الأخير، لن يكون إلا باباً جديداً لتمكين مشروعه، حتى ولو أظهر بعض اللين في التعامل مع الحراك الشعبي المدني والفصائل العسكرية الأخرى، وفق التطورات والمصالح المنوطة بالفصيل، حتى لو كان ذلك انقلاباً كاملاً على كل شعارته وخطابه وإنكار لتاريخ، همة استمرار النهج والجماعة، دفع فيه الشعب السوري تكليف كبيرة ليرتدي “الجولاني” طقمه ولايزال يدفع.
Social Links: