تركيا بالعربي
وداعاً خالد تاجا, رغم أنه لم ينل دور البطولة المطـلقة في أعماله، إلا أن الفنان السوري الراحل خالد تاجا كان يسـرق الأضواء في الأعمال الدرامية، التي شارك بها في الشاشة الصغيرة، حيث امتلك كاريزما خاصة وحضورا طاغـيا في الفن السوري، وكان النجاح حليف العمل الذي يحمل اسمه في شارة المقدمة.
براعة تاجا في الفن جعلته ضمن أفضل 50 ممثلا في العالم، وفق مجلة “تايم” (TIME) الأميركية، كما لقبه الشاعر الراحل محمود درويش بـ”أنطوني كوين العرب”.
شخصيات متنـاقضة
لم يتخذ ابن حي ركن الدين الدمشقي نمطا معينا في أدواره خلال مسيرته الفنية؛ بل برع في شخصيات الشـر والقـسوة، في الوقت الذي أثار التعاطف والحزن في أدوار الطيبة والضـعف، وحتى في الكوميديا أسعد المشاهدين بشخصياته الهـزلية التي قدمها.
ففي مسلسل “الفصول الأربعة” الشهير عن تماسك الأسرة الدمشقية والألفة والمحبة بين أفرادها استطاع الراحل أن يقدم شخصية كبير الأسرة “كريم”، التي تجمع الطيبة والكوميديا، فهو الأب الحنون الذي يجمع في منزله بناته وأصهاره في سهرات عائلية لا تخلو من المرح والدعابة.
ويقدم تاجا عبر كريم النبل الإنساني في سبيل سعادة بناته، حيث يعمل جاهدا لحل الخـلافات الأسرية التي تواجه الأسرة.
وعلى النقيض نشاهد وجها آخر لتاجا في شخصية “أبو منذر” الذي لا يتورع عن قـتل زوجته المريضة بالامتناع عن تقديم جهاز التنـفس الاصطناعي لها؛ كي يتخلص من نفقات علاجها، ويتفرغ لنزواته الشخصية الأنانية بالزواج من امرأة ثانية، مبررا لذاته من خلال الشخصية أنه أضاع عمره في خدمتها وهي طريحة الفراش.
وفي الأدوار التاريخية لا يمكن نسيان شخصية “أبو أحمد” في مسلسل التغريبة الفلسطينية، مقدما رب الأسرة الفلاح المكـافح في وجه الإقــطاعية والاستـغـلال مقابل أن ينال أولاده التعليم والثقافة، ليواجهوا لاحقا الاستعـمار البريطاني والصهيـونية بالثورات الشعـبية عبر الثـورة الفلسـطينية الكبـرى عام 1936.
خالد تاجا ممثل سوري راحـل من أصول كردية معروف بلقب أنطوني كوين العرب الذي أطلقه عليه الشاعر الراحل محمود درويش. بدأ مسيرته الفنية على خشبة المسرح وهو بعمر المراهقة. وشارك الفنان خالد تاجا بالعديد من المسلسلات التلفزيونية ووقف على خشبة المسرح من خلال مشاركته في كثير من المسرحيات بحسب موقع arageek.
أُصيـب بسرطان الرئة خلال مسيرته الفنية مما أجبره على التوقف مدة 10 سنوات عن التمثيل، ليعاود العمل فيما بعد، تم اعتبار الفنان خالد تاجا واحد من أفضل 50 ممثل في العالم وفقاً لمجلة التايم.
بدايات الفنان خالد تاجا ومحطات حياته بالفن
ولد الفنان محمد خالد عمر تاجا في 6 تشرين الثاني1939 في منطقة ركن الدين في العاصمة السورية دمشق. كان الفنان خالد تاجا يحب الرسم بشدة، وعندما أصبح في العاشرة من عمره بدأ يذهب إلى مسارح دمشق، لتظهر موهبته في مجال التمثيل وهو في عمر 16 سنة.
بدأ الفنان خالد تاجا مشواره الفني، بعد أن أخذ دور البطولة في عملين مسرحيين الذي ألفهما أحد أساتذته في الثانوية.
وانضم فيما بعد إلى فرقة المسرح الحر والتي كانت تضم مجموعة من كبار الفنانين في ذاك الحين مثل أنور البابا وحكمت محسن، حيث قدم معهم العديد من الأعمال المسرحية، وانتقل بعدها للكتابة والإخراج المسرحي.
وفي عام 1965، قام بوشكو فوتونوفيتش وهو مخرج يوغسلافي باختيار الفنان خالد تاجا للمشاركة في فيلمه والذي يدعى (سائق الشاحنة) من إنتاج المؤسسة العامة للسينما، حيث أنه أدى دور “مساعد سائق الشاحنة” الذي كان يحلم بأن يقود الشاحنة بنفسه.
وشارك بعدها بعدة أعمال على مدار 8 سنوات منها: فيلم (عودة حميدو)، وفيلم (زواج بالإكـراه)، وفيلم (عروس من دمشق)، وفيلم (غراميات خاصة)، وفيلم (أيام في لندن)، ومسلسل (بنت البادية).
غاب بعدها خالد تاجا حوالي العشر سنوات بسبب إصـابته بسرطان الرئة، وعند عودته لم يطلبه أحد للعمل معه، حتى جاء الفنان الراحل طلحت حمدي وقام بمساعدته بالعودة للعمل.
حياة خالد تاجا الشخصية
تزوج الفنان خالد تاجا 4 مرات، فزوجته الأولى مـاتت بعمرٍ صغير في حادثة جرت في فندق سميراميس في دمشق، أما زوجتاه الثانية والثالثة فانفصل عنهما بعد علاقة دامت أقل من عام، وكانت زوجنه الأخيرة امرأة هولندية والتي قررت أن تتركه وتذهب لتعيش في بلدها أخذةً معها ابنته الوحيدة التي لا يعرف عنها شيء سوى أن اسمه ليزا.
هكذا قـتل جندي “سرايا الدفاع” زوجة “خالد تاجا”
روى الكاتب والروائي السوري خيري الذهبي قصة واقعية ترتبط بمقـتل زوجة الفنان “خالد تاجا” المطربة الحموية “سحر المقلي” التي قتلت بطريقة شـبيهة باغـتيال الفنان “نهاد قلعي” المعروف بشخصية “حسني البورظان” على يد أحد عـناصر “سرايا الدفـاع” في أحد ملاهـي دمشق ذات يوم من عام 1981.
كانت المطربة سحر المعروفة آنذاك تغني في ملـهى “سميراميس” بدمشق، وكان من بين الجمهور جندي من سرايا الدفاع وقد شـرب حتى الثمالة،
فأخذ يعرّبد واضطرت المسكينة إلى تجاهله- كما يقول الذهبي- ولكنه لم يحتمل أن تتجاهله فهـدّدها إن لم تغنِّ أغنية فسـيفجر المسرح بمن فيه، ولم ترد السـيدة “سحر” أن تنحط في غنائها، وعرّبد الجنـدي ثانية، وصـرخ الحاضـرون يطلبون إليه الصمت ليستمعوا إلى ما جاؤوا لسماعه.
فكبر الأمر على “الفيلد مارشال” الجـندي في سرايا الدفـاع -حسب وصف الذهبي- وهناك في المدينة الراكعة أمام (سرايا الدفاع) من يجرؤ على تسكيته؟ فانتصب وصرخ إن لم يخـرسوا جميعاً فسيفـجرهم ويفجـرها بقـنبلة يدوية انتـزعها من خاصـرته.
ولما لم يكترثوا لتهــديدات السـكران حــرّر الصــاعق ورمى القنـبلة على المسرح، وكانت الكـارثة في تمـزق جسد المطـربة وإصابة عدد من عـازفي الفرقة الموسيقية بالجـراح، ولم يجــرؤ أحد على سؤال مسئولي المجــرم: “كيف سمحوا له بدخول المــلهى وهو يحمل قــنابل يدوية في خاصرته؟ خســر الفن مطربة لا بواكي لها”.
ولا معلومات وافــية عن المطــربة سحر التي اشتهرت بأغنيات في الخمسينات والستينات لا زال تتردد إلى الآن ومن المعلومات التي حصلت عليها “زمان الوصل” أن المطـربة القـتيلة ولدت في إدلب عام 1935 بدأت تجربتها الفنية في دمشق وبيروت مطلع الخمسينات، وغنت الموشحات والقدود والأغاني الشعبية،
ولها تسجيلات كثيرة بمفردها أو مع مطربي حلب في ذلك الوقت ومنهم: “محمد خيري، مصطفى ماهر، ربيعة عز الدين، وصباح فخري”، ومن أغنياتها الشهيرة “يا طيرة طيري يا حمامة” التي غنتها فيما بعد الفنانة المعتزلة شادية وأغنية “شلنا يا هوى عند المغيب” وأغنية “يا صيــــاد الســـمك صدلي بنيـــة” و”دزني واعرف مرامي” و”فوق النخل” و”قدك المياس” والأغنية التراثية المعدلة “عالصالحية يا صالحة” التي غُنيت فيما بعد في مسلسل باب الحارة.
أيّد خالد تاجا الثورة السورية منذ أيامها الأولى، ولم يتردد في التعبير عن رأيه المُناهـض لسياسة النظام السوري وقمعه واسـتبداده، وكان يتـوق إلى الحـرية لكل السوريين، وشارك في عدد من المظـاهرات مع مجموعة من الفنانين والمثقفين السوريين، مُعبّرًا عن رفـضه لسياسة النظام وتعامله الوحـشي تجاه المدنيين والمتظاهرين العُـزّل، وطـالب بوقف التعاطي الأمـني مع مطــالب الشباب السوري، كان خالد تاجا واحدا من الذين انضموا إلى مظاهرة المثقفين في الميدان في 13 تموز ـ يوليو عام 2011، وجرى توقيفه مع بعض الفنانين ومنهم الراحلة مي سكاف وفارس الحلو وقتها، في حين سقــطت في مثل هذا الاختبار أسماء كبيرة في عالم التمثيل، وكان رحيله في 4 نيسان/ أبريل 2012. عن عمر ناهز الثالثة والسبعين عامًا، خسارة حقيقية للفن الهادف الذي يُمثّل ضمير المجتمع.
زوجة خالد تاجا “المطربة سحر” قتلها عنصر رفعت من أجل أغنية للأسد.. ماذا تعرف عن “جــريمة سميراميس” المنسية
نبوءة وغموض
في لقاء تلفزيوني عام 2009 تحدث خالد تاجا عن تردي الأوضاع في الوطن العربي وسوريا، وأشار إلى أن الشعب لن يصبر كثيرا على هذه الحال، وسوف ينتفض يوما ما، وهو ما وصف بأنها نبوءة عن الثورة، التي اندلعت في سوريا ربيع 2011.
وما يزال الشك والغموض يحومان حول وفاة تاجا في دمشق جراء المرض، حيث يعتقد الصحفي السوري علي عيد بأنه تم تصفية تاجا في المستشفى على يد موالين للنظام السوري؛ بسبب تصريحاته العلنية بموقفه المعارض مبكرا، إلى جانب مشاركته بحراك مثقفي دمشق في يوليو/تموز 2011، حسب الصحفي السوري.
أيّد خالد تاجا الثورة السورية منذ أيامها الأولى، ولم يتردد في التعبير عن رأيه المُناهــض لسياسة النظام السوري وقمعه واســتبداده، وكان يتــوق إلى الحــرية لكل السوريين.
فجرى اعتــقاله في أحد الأفرع الأمـنية، وتعرض للإهـانة الشديدة وللتعــذيب، على الرغم من مرضه الشديد، وفق ما نقله بعض المعتـقلين معه، ليُنقل في إثرها إلى أحد مســتشفيات دمشق، وليعلن النظام وفـاته بمـرض السرطان عن عمر ناهز 73 عامًا.
كان تاجا فنانًا مرموقًا وإنسانًا صادقًا. ستبقى ذكراه في ضمير السوريين والعرب، مثالًا للفنان الحقيقي، الذي قارب وجـسّد تطلعات شعبه في الحرية والديمقراطية.
أحد المقربين من “خالد تاجا” يكشف معلومات عن طبيعة وفاته.. ما دور بشار الأسد؟
كشف الصحفي “علي عيد” عن معلومات جديدة حول طبيعة وفاة الممثل السوري خالد تاجا الذي دعا إلى ثورة شعبية يتوحد فيها كل السوريون ضد نظام بشار الأسد.
وقال عيد في مقال نشرته “زمان الوصل” ورصدته الوسيلة تحدث فيه عن السنة الأولى من الثورة السورية وما أكده له أحد الناشطين بأنه لم يوفق في إخراجه إلى الحدود الأردنية.
ونقل عيد عن الناشط أن تاجا كان يتعرض لحالات اختناق وساء وضعه مع عدم وجود أدوات طبية للمساعدة.
وأشار الناشط أن الواقعة حصلت قبل وفاته ببضعة أسابيع، أي في شباط عام 2012، وأن تاجا لم يكن يرغب بأن يعرف أحد بوجوده.
ولفت أن تاجا كان يتواصل مع شخص لا نعرفه لتأمين الخروج، وفجأة طلب العودة لدمشق فتمّ تأمينه لآخر حاجز للجيــش الحر
ونقل عن ابن شقيقة “تاجا” “إياد حجازي” أن خاله كان يعدّ لمعركة مصيرية مع النظام لدرجة أنه قبل دخوله الأخير للمشـفى قام بتجهيز مزرعته بريف دمشق للانتقال إليها من شقته في حيّ دمر الدمشقي.
وأوضح حجازي أن تاجا كان يخطط لسكن طويل الأمد مع مؤنة كافية في تلك المزرعة، إذ اشترى كل ما يلزم له ولمن تبقى عائلة شقيقته بدمشق، وأضاف أن خاله بقي بمستشفى الشامي قرابة الشهر، وأن وزير الإعلام السابق عدنان محمود كان يزورهم بشكل مستمر للاطمئنان عن صحة تاجا.
الملك الأردني عرضاً لعلاجه
وبين إياد أن عرضاً جاء من الملك الأردني عبدالله بن الحسين لنقل تاجا بطائرة إلى الأردن والتكفل بعلاجه على نفقة الملك، الأمر الذي رفضع بشكل قاطع عدنان محمود.
وأشار إياد إلى أن العائلة كانت حجزت غرفتين بمشــفى الشامي في طابقين متتاليين واحدة بالطابق السفلي لإقامة أخته والعائلة والأخرى بطابق علوي لخالد.
وتابع: إن الأطباء أفادوا باستقرار حالة تاجا بالليلة الأخيرة, ويمكن إخراجه من العـناية، وكان وقتها عدنان محمود بغرفة العائلة وطلب المغادرة دون الإشارة لأنه سيمر بغرفة تاجا ، ليفاجئ إياد حجازي وأفراد الأسرة بأن محمود توجه فور مغادرته غرفتهم إلى الطوابق العليا فدخل غرفة خالد تاجا دون أن يستأذنهم، ثم خرج منها إلى غرفة الطبيب المسؤول في قسم العناية الفائقة ليفاجئ الجميع بعدها بوفاة خالد تاجا صباح الرابع من نيسان ـ ابريل 2012 دون تفسير، وبشكل يتعارض مع توصية الأطباء الذين أكدوا استقرار حالته الصحية.
يرى إياد إن احتمال تورط عدنان محمود وتكليفه بتصفية خالد تاجا تبقى فرضية كانت تحتاج لإثبات من خبراء أدلة جنائية لكن ذلك كان متعذّرا في مشفى تراقبه أجهزة الأمن وتدير مفاصله بشكل دقيق.
Social Links: