مرض سوري عضال

مرض سوري عضال

خالد نعمة 

سبق لي أول البارحة أن نبشت لكم في معرض تحيتي للراحل حديثاً (ميشيل كيلو) بعض مجريات اللقاء الأول للجنة تطوير الجبهة الوطنية التقدمية في سورية مع الأدباء والصحفيين المنعقد في التاسع من تشرين الأول من عام 1979، والذي جاء نتيجة أولى للقرار 44 الصادر بتاريخ الرابع من الشهر ذاته عن (حافظ الأسد) بصفته رئيس الجبهة المذكورة، وقد رئس اللجنة الجبهوية المكلفة بدراسة مسألة التطوير (محمود الأيوبي) وضمـَّـت سبعة أعضاء آخرين أربعة منهم بعثيون وهم إضافة إلى محمود: (عبد الله الأحمر وعبد الحليم خدام ومحمد حيدر)، والأربعة الآخرون ممثلون عن الأحزاب المنضوية آنذاك في عضوية الجبهة، وبمعدل عضو عن كل حزب جبهوي من غير البعث، وهم: (عبد الغني قنوت وفايز إسماعيل وفوزي الكيالي ودانيال نعمة).
وأعقب التشكيل صدور بيان جبهوي تحدث عن دواعي التطوير المنشود، وبناء على البيان والضجة المجتمعية التي أحدثها اللقاء الحامي، فقد قامت (رابطة الدفاع عن حقوق الإنسان) المشهرة في دمشق تحت رقم 700 بتوجيه رسالتين بتاريخ السادس عشر من شهر تشرين الأول ذاته: الأولى مطلبية إلى (حافظ الأسد)، والثانية إعلامية إلى (دانيال نعمة) مع رجاء المرسلين بأن يقوم هو من جانبه بما يلزم لتحقيق ما جاء في رسالتهم الأولى.
سيندهش الكثيرون من القارئين، وسيفغرون أفواههم وهم يتساءلون: رابطة للدفاع عن حقوق الإنسان وفي سورية؟ ثم سيسألني سائل منهم: ما الذي حلَّ بالرابطة المذكورة أعلاه وبأعضائها بعد رسالتها هذه؟
لن أعطي أحداً منكم إجابة شافية على هذا السؤال، فأنا في وارد آخر، وهو الآتي:

مضمون رسالة المدافعين عن حقوق الإنسان السوري

(- وفقاً لبيان الجبهة ذاتها، فهناك تجاوزات على سيادة القانون، وتمييز في تساوي الناس أمامه، وقد حوى أمثلة على الانتهاكات العديدة والخطيرة لحقوق الإنسان من قبل السلطات العامة، وهذا كان مثاراً لشكاوى العديد من المؤسسات والمنظمات والنقابات.
– ووفقاً للبيان ذاته، فالأوضاع العامة لا تصلح إلا بسيادة القانون واستقلال سلطة القضاء ومعالجة الكثير من النواحي العامة في الدولة، التي تشكل بطبيعتها انتهاكات أساسية لحقوق الإنسان.
– استمرار إعلان حالة الطوارئ في كل أرجاء الدولة وتطبيق الأحكام العرفية منذ الثامن من آذار عام 1963 علـَّـق تلك الحقوق الدستورية، وعطـَّـلَ نفاذها.
– أوضاع الاعتقال وفقاً لأحكام الطوارئ هي في ازدياد، ويذهب ضحيتها أناس أبرياء، لا تسند إليهم أي شبهة سياسية سوى صلة القربى بالمعتقلين أو المعتقلين. وهكذا، يذهب البريء بجريرة غيره، ويؤخذ الأب بابنه والأم بولدها.
– بدت في الواقع بوادر حالات جديدة، تتعلق بالاعتداء على حق الملكية والمسكن وتدميرها، رغم أنها مصونة نظرياً بالدستور.
وبناء على ما تقدَّم، رفع صائغو الرسالة ثلاثة مطالب، وهي:
– إنهاء حالة الطوارئ والأحكام العرفية.
– إفساح المجال أمام المواطنين لممارسة حقوقهم السياسية في العقيدة والرأي، وإتاحة الفرصة لهم كي يعبـِّـروا بحرية عن آرائهم ومعتقداتهم السياسية والاجتماعية.
– إلغاء المحاكم الاستثنائية، وإحالة جميع الموقوفين إلى القضاء العادي).
وقد اختتمت الرابطة رسالتها بما يلي:
(إن إطلاق الحريات وإنهاء الحالات الشاذة في حياة المواطنين هو الضمان الأكيد لتوطيد دعائم الوحدة الوطنية والمستقبل النير للمواطن السوريوالحماية الحقة للوطن).

إلى هنا تنتهي اقتباساتي، وسأعفيكم من استطراداتي وتعليقاتي، فلديكم من العقول ما يكفي لتحللوا وتوازنوا وتقارنوا وتستنتجوا، وأنا على عقولكم المفكرة أراهن.

  • Social Links:

Leave a Reply