عن الاستعمار الديني ــ د. محمود بيطار

عن الاستعمار الديني ــ د. محمود بيطار

 

 

الطائفة بشكل عام هي بنية طفيلية لا حقوق لها على الفرد ولا على الدولة, وموضوع الحقوق المتبادلة ينحصر بالفرد والدولة ولكل منهما حق على الآخر , الطائفة بشكل عام طفيلية على الفرد وعلى الدولة , حيث لا تقدم الطائفة للفرد الا مادة الخصام والعداء للآخر ولا تقدم للدولة الا مادة الانشقاق عن الآخر , الطائفة بشكلها السياسي الشرقي هي دولة ضمن دولة, وبذلك هي مادة ارهاق سياسي لهذه الدولة , انها مادة ارهاق مادي أيضا , حيث ان تكاليف بناء الآلاف من دور العبادة على سبيبل المثال يكفي لبناء المئات من الجامعات والمستشفيات , الطائفة التي هي بطبيعتها طائفية تبيع الفرد انتماء فوقيا يقود الى تلف الانتماء الوطني ويقود الى التناحر بين الطوائف مما يقود الى النزاعات والحروب التي تقضي على الدولة .

الدولة التي يمكن لها أن لها أن تتقدم وتقدم شيئا ايجابيا للانسان هي دولة تتألف من أفراد تجمعهم اتجاهات سياسية قابلة للتغير والتطور , الانتماء الطائفي السياسي هو انتماء لايصلح للتغير اليسير , انتماء المواطن للمذهب هو انتماء فوقي يخرب الانتماء الى الوطن , انتماء المواطن الى حزب سياسي هو انتماء تحتي يشكل القاعدة التي يمكن للوطن أن يبنى عليها , فوقية الانتماء المذهبي تعود الى القدسية المذهبية التي لاتقبل التوضع تحت الانتماء الوطني الغير مقدس والقابل للتغيير والتبديل ,انه انتماء لا اجبار به بعكس الانتماء الطائقفي الولادي القسري , الاطاحة بثقافة الحرية وحرية الخيار تتم في مجتمعات الانتماء الطائفي السياسي مباشرة بعد الولادة , فبعد الولادة يتم تحديد الجهة والاتجاه الذي على الفرد أن يسير به …ان ذلك نوعا من الاستعمار الولادي الذي يمنع نمو الاستقلالية ويمنع نضوج ممارسة الحرية والمسؤولية , يشجع الاتكالية ويخرب العقلانية عن طريق الغاء الحاجة لها .. لطالما الدين موجود وينظم الحياة الدنيا والآخرة فما هي الحاجة الى العقل ..مصير الانسان مكتوب , والاستلاب يصل الى درجة نزع مسؤولية الانسان عن نفسه وعن خياراته , مسيبر بشكل مطلق !, وهل يمكن لاستعمار أن يكون أقسى من استعمار الأديان للانسان ؟؟

ثمثل الطائفة السياسية حالة انفصال مستمر عن مجتمع الدولة وتأهب للتهديد بانفصال أعمق عندما لايتحقق لها ماتريد من الهيمنة , التي يفرضها الوضع الطائفي المتميز بفوقية طائفة على الأخرى , لذلك فان المجتمع ذو المكونات الطائفية هو مجتمع متشنج متناحر وقلق بشكل مستمر , مجتمع فقد الصفة الجمعية ومتحول الى جماعات تعيش الى جانب بعضها البعض وليس مع بعضها البعض , هنا تنعم الأديان على الانسان بتلفيقات علاجية مثل التسامح والتحابب والتعايش والتحمل والتكارم ..الخ وذلك لتلطيف الحالة المرضية الطائفية التي ابتلى المجتمع بها

ما هي ضرورة كل ذلك عندما يكون الانسان مواطنا يمثل الانتماء الوطني أعلى أشكال انتمائه , وعندما يتحول الانتماء الديني الى أمر خاص بدون عمق اجتماعي وبالتالي عمق سياسي ..عندها لاحاجة الى ترميم الصدع الطائفي وترقيعه برقعة التسامح والتحابب والتعايش , الأديان تسبب المرض ثم تقدم دواء تلطيفيا لهدا المرض , أين الجدوى من كل ذلك ؟

  • Social Links:

Leave a Reply