أأكتب…لا لا، لن أكتب.. عدنان عبد الرزاق

أأكتب…لا لا، لن أكتب.. عدنان عبد الرزاق

 

نحاول يوميا، ليّ عنق الإحباط ونكتب، لأن بالكتابة إفشاله من التفشي لما تبقي فينا والنيل منّا، بيد أن طول المعاناة وانسداد الأفق، مؤشرات باتت ترجح انتصار الإحباط، بل وربما تحوله ليأس، يجهز، حتى على قدرتنا على الكتابة.

بالأمس، وإثر محاولات متكررة، لطرد شبح الهزيمة، للكتابة رغماً عن الإحباط وما يكسو واقعنا من غرائبية، باتت أضعاف قدرتنا على التحمل والاستمرار، بدأت الخطوة اللاحقة بمشوار الكتابة…عن ماذا أكتب، رغم آلاف العناوين التي تنط أمام عينيّ، وهي بالأحوال الطبيعية، كنوز يمكن بناء الأبحاث حولها وعنها، وليس تقزيمها بمقالة لا تفي بعض جوانب الموضوع.

وجدتها، أكتب عن خسائر عصابة بشار الأسد، إن أمام الثوار بريف دمشق الشرقي، أو حتى أمام المتطرفين شرقي حمص، إذ تتوارد أرقام عن قتلى بالعشرات وإعطاب آليات وخسارة مواقع وفرار جنود.

ولكن، هل يمكن الفرح بموت الآخرين، بواقع اختلاط العدو من الصديق..سألت نفسي.

وهل بإمكاني التأكيد للقارئ، أن ما يجري بريف حمص الشرقي، بين تنظيمي داعش والأسد، ليس لعبة كما التي جرت بتدمر، بالتزامن مع تسليم حلب للروس، أليس من صفقة تعد لإدلب اليوم؟

لذا، الأفضل ألا أخوض بهذا الأمر، وأزيد من الكراهية والوجع والتغرير بالقراء…وربما خدمة النظام.

ولكن، ليس من مشكلة، ها هي الآليات العسكرية التركية تصل لإقليم هاطاي على الحدود السورية، ويبدو أن دخولها لشمال غرب سورية، بات مسألة أيام، وربما ساعات، وهو موضوع مهم وينتظره المعذبون بإدلب، على الأقل، بعد أن قتلت طائرات بوتين والأسد، أكثر من 300 منهم، منذ اتفاق “أستانة سيكس”، ولم تزل عمليات انتشال ضحايا أرمناز من تحت الأنقاض.

ولكن، هل في ذلك الدخول منفعة للسوريين أم مرحلة قد تطول وتحوّل من شكل وطبيعة الصراع، من يضمن لي أن تلك القوات يمكن أن تنتصر على المتطرفين الذين يشعلون معاركهم بين الأهالي…أليس أهلنا من سيدفع الثمن؟

أم ترى لا بد من استئصال شأفة الإرهاب والاستقواء، بإدلب على الأقل، بعد أن ذاق أهلنا منهم، ما لم يروه من الأسدين، وعلى مدى خمسين عاماً.

ولكن، أي شكل ووصف سيكون لتلك القوات، أو للأطواق التي ستليها، من روس وإيرانيين، ألم تنص “أستانة” على توزعهم بوطني، بشكل أقرب لاقتسام النفوذ، إن لم نقل محتلين، وأي ثمن سيترتب ويُدفع، حتى ينجلي المحتلون.

لذا، سأصرف نظر عن هذا الموضوع المركب والمختلط، على الأقل، لئلا أشارك بجريمة أو أوزع الآمال لدى القراء، ومن ثم يخيبون ويشتموني.

عادي، ثمة موضوعات أخرى، أكثر سخونة وجماهيرية ووجع في آن، قاتل عروبة وحلا بركات، أو المشتبه به حتى الآن، تم إلقاء القبض عليه بعاصمة العثمانيين الأولى “بورصة” لينال عقابه، وربما من شاركه، على جريمة هزت الرأي العام.

ولكن، لماذا تم إعلان اسم أحمد بركات قبل إلقاء القبض على البقية، ألم تقل التحقيقات سابقاً، إن القتلة ثلاثة؟!

كيف أكتب عن أمر، انتشر كخبر وطرشت به الوكالات والصحف والمواقع، دون طرح أسئلة قد تكون الإجابات عليها محرجة وموجعة، وما هو الجديد إن كتبت عن أحمد بركات، ابن عم القتيلتين، بعد أن أدخلتاه بيتهما ومولتاه ماليا ونفسياً على مدى أشهر، أينقص الشعب العنيد مزيداً من قصص الخيانة، لتذهب النخوة من بين السوريين.

وربما الأهم، أأكتب عن جريمة وقاتل، قبل أن أعلم سبب القتل ومحرضيه، أيمكن أن تتكشف حقائق عن الجريمة، تُذهب، ليس بالنخوة فقط، بل وبأدنى مراتب وحدود الإنسانية والأخلاق.

الأفضل إذا ألا أكتب عن هذا الموضوع الملتبس، فهناك عناوين أخرى، ربما تهم السوريين أكثر، ويمكنهم بتراكم الخبرة أن يستشفوا منها ما لا أستطيع نقله وأنا أقاوم عدوي الإحباط.

  • Social Links:

Leave a Reply