الأسد يغري المستثمرين – عدنان عبد الرزاق

الأسد يغري المستثمرين – عدنان عبد الرزاق

قال نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في سورية، عبد الله الدردري عام 2006، إن “موظفاً صغيراً قد يعرقل مشروعاً استثمارياً بمليار ليرة” ليرسل لمن يهمهم الأمر في القيادة السورية بالداخل، وأصحاب رؤوس الأموال في الخارج، أن مشكلة سورية مع الاستثمار، هي سطوة المتنفذين والبيروقراطية، وليست مشكلة مناخ وتسهيلات وإعفاءات.
ومن الغرابة أن يصدر  تصريح كهذا، عن مسؤول في أعلى الهرم الاقتصادي السوري، إذ من المفترض أن يعالج الدردري وقتذاك أسباب تهجير رؤوس الأموال، لا أن يوصّفها كأي مراقب أو إعلامي أو حتى مستثمر ذاق ويلات الترخيص والتأسيس وهرب قبل أن يقاسمه آل نظام الأسد مشروعه.
ومن المعروف أيضاً وقتذاك، أن رامي مخلوف، ابن خال بشار، كان يقاسم المستثمرين أي مشروع مغرٍ ذي دورة رأسمال سريعة وأرباح مضمونة، بعد أن يقاسم أبوه المستثمرين عبر منحهم القروض، فمحمد مخلوف، خال بشار، مدير أكبر المصارف وقتذاك “العقاري” كان معروفاً في سورية، بالسيد عشرة بالمئة، لأنه يأخذ حصته من القرض قبل منحه للمستثمر.
إذاً، لم تكن مشكلة سورية قبل الحرب، بالنص القانوني أو بتشريع جاذب للمستثمرين، بقدر ما كانت بهيمنة أجهزة وأقارب النظام وغياب المظلة القانونية.
فماذا بعد الحرب، حين تفشت ميليشيات الأسد وحليفيه “إيران وروسيا” وسيطرت على الأراضي والمقدرات، وماذا بعد أن غاب الأمان ووصلت سورية إلى الأخطر عالمياً، وماذا بعد فرض العقوبات وضيق السوق الداخلية وتراجع القدرة الشرائية إلى ما دون أساسيات العيش.
فمن يمكن أن يقامر في هذا المناخ بأي رأسمال ويؤسس مشروعات في سورية الأسد؟!
قصارى القول: أصدر رئيس النظام السوري، بشار الأسد، قبل يومين، قانون الاستثمار الجديد رقم “18” لعام 2021، بهدف، كما صرح مسؤولو الأسد، إيجاد بيئة استثمارية تنافسية لجذب رؤوس الأموال، والاستفادة من الخبرات والتخصصات المختلفة، وتوسيع قاعدة الإنتاج وزيادة فرص العمل ورفع معدلات النمو الاقتصادي، بما ينعكس إيجابًا على زيادة الدخل القومي وصولًا إلى تنمية شاملة ومستدامة.

بل تمادى وزير الاقتصاد في حكومة الأسد، محمد سامر الخليل، بأحلامه ليعلن أن القانون الجديد بُني على دراسة شاركت فيها جميع الوزارات لتحديد الاستثمارات التي تفيد البلد بشكل أكبر، وأن “ثقافة الصناعة والزراعة في سورية ليست ثقافة المنتج التصديري، ونعمل الآن على تغيير هذه الذهنية، بأن تكون المنتجات السورية تصديرية بامتياز لتحقق مصلحة للعاملين كالفلاحين أو الصناعيين”.
لكن الوزير الحالم بالتصدير وغزو الأسواق الدولية بالمنتج السوري، لم يقل من يمكن أن يأتي ليستثمر في سورية، وما هي القطاعات المتاحة لتفرز سلعاً منافسة دولياً، ولا حتى ما هي الميزات الإضافية والتسهيلات المغرية، ليترك أصحاب رؤوس الأموال، المناخات الجاذبة في العالم ويرمون أموالهم ببلد مشتعل وكل ما فيه ينذر بالأسوأ.
نهاية القول: لا جديد البتة في القانون الجديد، بل هو تجميع وتبديل عبارات للقوانين السابقة، مذ بدأت سورية، عام 1991 بقانون الاستثمار رقم 10، بفتح المجال للقطاع الخاص ليستثمر في “سورية الاشتراكية” وتوقفت عن وصف قطاع الأعمال بـ”القطاع الطفيلي” والحكومي “بالقطاع الريادي” وتابعت تجميل القانون نفسه، عبر المرسوم 8 لعام 2007 والمرسوم 9 للعام نفسه، وبدلت بعض الفصول لاحقاً بالقانون رقم 186 عام 2007.
وإنما الجديد الوحيد يكمن في توقيت القانون، إذ يمكن اعتباره من متممات حملة بشار الأسد الانتخابية لفترة وراثية رابعة، يريد خلاله القول إن “سورية بخير” وباب الاستثمار وتوظيف الأموال مفتوح للجميع، ومن يعترف بي ويتناسى جرائمي، فلدي المزيد من قوانين إعادة الإعمار والاستثمار …بل وبيع الأراضي والثروات والمقدرات، إن اقتضت ضرورة البقاء على كرسي أبي.

  • Social Links:

Leave a Reply