جايد عزام
التعقيد والاستعصاء والتشابك المتزايد في موضوع الحل السياسي في سوريا وحتى في اليمن وليبيا و… هو نتاج لعدة تناقضات اساسيه يتفرع عنها تناقضات وتداخلات ونتائج متصادمه …. اساس المشكله هو إن الازمه العامه المستفحله للنظام الراسمالي وارتداداتها وانعكاساتها في الاطراف … وصلت لمرحله لم تعد تكفي لعلاجها المسكنات والتعديلات والاجراءات الاعتياديه ولا غير الاعتياديه ومع إن اشعال الحروب واثارة النزاعات والفوضى الهدامه لن تحل التناقضات الاساسيه الا انها تشكل مصلحه للاحتكارات الكبرى التي يمكنها جني الارباح من خلال تجارة السلاح والقطاعات التي تنعشها تجارة الموت ..ايضا تشكل طريقه لتاجيل مؤقت لانهيار الراسماليه .. حيث إن العسكرة والصراع المسلح والفوضى تشكل وسيله اساسيه للتدخل بكافة الاشكال لمحاولة كبح أي حراك شعبي يستهدف بناء دوله حره قويه ومستقله يمكنها الافلات من محاولات نهب مواردها الطبيعيه والبشريه من قبل الاحتكارات الراسماليه .. حيث إن مخزون دول العالم الثالث من هذه الموارد بات يشكل الاحتياطي الاستراتيجي الاوحد بعد استنزاف الاحتياطي الاسترتيجي الامريكي الذي انقذ الراسمالية بعد الحرب العالميه الثانيه ..وفي نفس الوقت الذي توجد مصلحه مشتركه لدول الاحتكارات في التعاون لانقاذ النظام الراسمالي من الانهيار فهذا لا يلغي بل يؤكد التنافس والمزاحمه بين هذه الدول لحماية مصالحها الذاتيه واحتكاراتها الخاصه وفي هذا الصراع الثانوي يمكن ان تنهار او تتصدع انظمه راسماليه في اطراف المراكز الكبرى وتعلن الاف الشركات افلاسها والدول الاكثر قوة وسيطره تحصل على حصص اكبر من المكتسبات فاثارة وتاجيج الصراع يخدم مصالح دول الاحتكارات والمافيات الكبرى والانظمه المشرفه على الانهيار بهدف البحث عن حلول قد تاتي بها الحروب .. وهنا ندخل الى اثر وجود روسيا ودول اقليميه في هذا الصراع الحالي … فروسيا وان كانت قد اصبحت ملحقه بالنظام الراسمالي وتشارك في ادارتها مافيات راسماليه طفيلية شاركت في نهب موارد الاتحاد السوفياتي السابق الا إن وجود مصالح اساسيه مشتركه مع الغرب لا يمنعها من السعي بقوة ليكون لها نفوذ وحصه اكبر وخاصة في منطقة الشرق الاوسط وخصوصا سوريا بما يتناسب وقوتها العسكريه … فهذه القوة تشكل اداتها الرئيسيه لفرض وجودها والحصول على مكتسبات تمكنها من المشاركه الرئيسيه في ادارة وتوجيه الاحداث لخدمة مصالحها خاصة وانها تعاني من ازمه اقتصاديه لا يمكن تجاوزها بدون تسويق اسلحتها والاستحواذ على نصيب اكبر من السوق والنفوذ … وحتى الان يمكننا القول :
االازمه العامه للراسماليه .. كما كل اشكال الصراع واالنزاعات والحروب .. لن تحل وتنتهي الا بتجاوز الراسماليه وبناء عالم انساني جديد .. ولكن شروط ومقدمات هذا الانتقال لم تنضج بعد وخاصة الشروط الذاتيه المتعلقه بالقوى الانسانيه المنضمة التي يمكنها تولي هذه المهمه …. وعدم نضوج هذه القوى يعود لاسباب كثيره منها تجديد نهب العالم الثالث واشغال العالم بالحروب والنزاعات ومكافحة الارهاب الذي يعتبر احدى منتجات وادوات دول الاحتكارات الراسماليه ..
_ إن نجاح روسيا في ان تكون قوة اساسيه في ادارة وتوجيه الاحداث يعني انها بات يمكن لها الموافقه على حل سياسي يؤكد نفوذها ويلبي مصالحها وهذا الكلام ينطبق على كل الاطراف المؤثره ولكن يبقى بعض التساؤلات حول امكانية التوفيق بين المصالح وفي أي مرحله وهل للاطراف الرئيسيه مصلحه في وقف الحرب وفي أي ظروف .
_ مانعتقده إن الازمه العامه للراسماليه ومصالح القوى الاكثر تاثيرا تتطلب استمرار الصراع والفوضى خاصة إن ساحة الصراع والناس الذين تنزف دمائهم في الاطراف وليس المراكز..ولكنها وهي تدير وتوجه الصراع لابد من محطات تهدئه وتثبيت بعض المكتسبات او تخفيف بعض الاحتقان والتصعيد الذي يمكن إن يخرج عن السيطره وخطوات اخرى قد تكون على شكل حل سياسي .
_ إن الصراع في وعلى سوريا ليس جزء من الحرب على الارهاب كما يحاولون تسويقه, بل إن التطرف والارهاب نفسه يجري تنظيمه واستخدامه من قبل حكومات الاحتكارات وانظمة الاستبداد لكبح اي حراك شعبي يستهدف التحرر والتطور المستقل …ان استمرار واحتدام الازمة الراسمالية والصراعات المرتبطه بمصير ومستقبل عالمنا لا يمكن حلها الا من خلال انتصار العولمه الانسانية كبديل عن العولمه الراسماليه الحاليه التي تزداد توحشا..ولكن هذا لا يعني إن الصراع المسلح في وعلى سوريا لا يمكن الا إن يستمر مسلحا ودمويا , اما الوصول لتهدئه على شكل حل سياسي والتحول الى صراع سلمي وتحقيق السوريين لخطوات وانجازات تراكميه على طريق بناء سوريا الحريه والعداله والكرامه الانسانيه لكل السوريين فهو مرتبط بموازين قوى الصراع والتزاحم والمنافسه بين القوى المتصارعه والمتنافسه من جهه وما الذي سيقرره ويفعله السوريون انفسهم من جهة ثانيه .
_ وهنا نصل للحلقه المركزيه المتعلقه بدور السوريين في الوصول الى حل سياسي ودورهم في تحويله الى فعاليات شعبيه واعيه ومنضمه وراسخه تستهدف تحقيق طموحات شعبنا وتجاوز الصراعات المسلحه وكل اشكال العنف..ونحن نقول إن هذا ممكن وضروري ولا بديل عنه لانه بات واضحا إن القوى الخارجيه لا تهتم الا بادارة وتوجيه الصراع لتحقيق مصالحها وليس مصالح سوريا فمصالح سوريا لا يمكن لاحد إن يتولاها الا السوريين المخلصين انفسهم وهذا ممكن فعلا من خلال :
اولا : وعي تعقيدات الصراع في وعلى سوريا…ووعي انه يلزم السوريين حتى لو خطوة قد لا تحقق كل طموحات واهداف شعبنا ..ولكنها تشكل بالضروره خطوة مهمه لاستكمال شروط ومقدمات تحقيقها الفعلي..اما اشتراط شروط غير واقعيه جوفاء…لا تضر الا بمصلحة السوريين…..الرمال الاقليميه والدوليه تتحرك.. وسوريا تحتاج لمشاركة كل مكوناتها واطيافها..عربا وكوردا واشوريين و…تحتاجهم كوطنيين سوريين حريصين على تقرير وصناعة مستقبل افضل لبلدهم واهلهم..فالقوى الخارجيه وادواتها في الداخل لا تتردد في تغذية الصراع حتى اخر قطرة من دماء اطفالنا …
ثانيا : الوصول لحل سياسي والسير به لتحقيق طموحات شعبنا يتطلب تشكيل ضغط على كل الأطراف الداخلية والخارجية الرافضة والمعرقلة له..علنا او مواربة او .. لتشكيل ضغط على كل الأطراف..لا بديل عن حفز وتجميع وتنظيم وتفعيل كل الطاقات والمبادرات الشعبية وتوجيهها الواعي والمدروس لخدمة الهدف ,,
لا بديل عن تشكيل أوسع تحالفات شعبية وطنية ديمقراطية واطار تنظيمي لتوحيد وتنسيق الجهود واختيار قيادة سياسية ضمن هذا الاطار وعلى اساس ميثاق وطني متوافق عليه.. وتنظيم نشاطات وفعاليات شعبية داخل وخارج سوريا..والتواصل والتفاعل مع شعوب العالم وليس فقط مع حكوماتها .
ثالثا : اذا كان هناك الكثير من الظروف والاسباب قد وقف عائقا امام امكانية وجود قياده وطنيه شعبيه ثوريه يمكنها إن تشكل بديلا يلتف حولها السوريين , الا اننا لا نرى إن هناك مصلحه سوريه في
الغاء او تهميش هيئة المفاوضات التي تشكلت في الرياض, ولكننا ايضا نرى إنه ولكي يكون للسوريين تمثيل وتاثير فعلي في أي مباحثات اومفاوضات قد تحصل لابد من هيئه سوريه سوريه تضم ممثلين عن كل المخلصين لمصالح سوريا والسوريين والمؤيدين فعلا لحل سياسي وطني..فالهيئة الحاليه لا تمتلك التمثيل الكافي ولا الحد الادنى من القرار المستقل .
رابعا : مايحصل في سوريا من قتل وتدمير وتشريد و..الادوات التي تنفذه من جميع الاطراف.. وغالبيتها سوريه…اي إن القتل والتدمير يتم بايادي سوريه..والموضوع إن هناك من المشاركين من يعتقدون انهم مجاهدين في سبيل الله وهناك من يعتقد انه يقاتل في سبيل الوطن و… مع العلم إن القيادات لا تمتلك قرارها وتتبع الداعمين والممولين او غرائز الدم والانتقام…….المطلوب اذا تامين بديل وطني حر…يجذب الوطنيين الاحرار ليكفوا ان يكونون ادوات ماجوره بيد تجار وسماسرة الدماء ..ليس المطلوب تشكيل جيش جديد للحرب بل لوقف الحرب وضمان حماية الوطن والشعب وضمان الامن والسلام في مرحلة انتقاليه سلميه تنتج عن حل سياسي .
خامسا : هناك ضروره للتواصل والتفاعل مع شعوب العالم وليس فقط حكامه..وهذا الموضوع من الضروري منحه الاهميه التي يستحقها من اجل ايصال رسالة شعبنا الذي يتعرض للقتل والتهجير والاعتقال والخطف و… تفعيل اوسع تضامن شعبي اقليمي وعالمي للضغط من اجل وقف الحرب وتمكين شعبنا من تقرير وصناعة مصيره بحريه .
_ كما اسلفنا فان ماسيحصل في سوريا مرتبط بما سيفعله السوريون من جهه وايضا بموازين ونسب القوى الاقليميه والدوليه المتصارعه في وعلى سوريا…وهنا لابد لنا أن نؤكد إن مستقبل سوريا كما مستقبل دول العالم الثالث وبقية دول العالم مترابط ومتكامل وان حسم الصراعات لمصلحة بناء عالم انساني جديد سيده وصانعه وغايته الانسان بصفته النوعية كغايه جوهريه مرتبط بمواجهة عولمة قوانين الغاب الراسماليه التي تزداد توحشا وخطراعلى مصير العالم ..مواجهة حكومات الاحتكارات وتوابعها وخدمها انظمة النهب القمعيه في العالم الثالث ..مرتبط بالنجاح في تجسيد عولمه انسانيه اساسها الوحدة الانسانيه والحريه والعداله والكرامه الانسانيه…وهذا كله بدوره مرتبط بالنجاح في تشكيل وتنظيم وتفعيل اوسع تحالف لكل القوى الانسانيه على مستوى العالم وفي كل بلد من بلدانه وذلك من اجل صناعة مجتمع انساني يليق بالانسان .
Social Links: