دراسة بعنوان : الماركسية وقوانين الجدل

دراسة بعنوان : الماركسية وقوانين الجدل

النظرية الماركسية _5_

ان جوهر التطور – كما ذكرنا – نابع من قانون وحدة وصراع الاضداد … ان التطور هو صراع الاضداد بينما مضمون القانون الثاني حيث ان صراع الاضداد وهي في حالة الوحدة يؤدي لتغيرات كمية مع استمرار الحالة المهيمنة طالما الى ان تتراكم هذه التغيرات الكمية لتبلغ حد المعيار اللازم لحدوث التغير النوعي ، وان هذا التغير النوعي الناجم عن بلوغ التغيرات الكمية المتراكمة لحد المعيار يحدث على شكل طفرة مفاجئة ، لكن ما لم يتوضح معنا حتى الان هو كيف يكون شكل النتيجة ؟ اي كيف يكون شكل الظاهرة او المادة بعد حدوث التغير النوعي … كيف يتحدد هذا الشكل ؟

ان التطور كحركة ليس حركة صاعدة رأسيا بشكل خطي هذا يجعل قراءة النماذج التطورية مسألة معقدة ، وهو تماما ما كان يجعل القدرة على قراءة التطور نفسه مسألة غير ممكنة ، لان هذا التطور لا يأخذ شكل الحتميات المتسلسلة البسيطة بل المعقدة التركيب … فانجاز كل خطوة نحو الامام يتخلله احيانا كثيرة جزئية معاكسة لا تجعل النمط المدروس قابل للخضوع لرؤية تطورية حتمية ومتسلسلة وبسيطة .

ان الاضداد التي هي محتوى الظاهرة تتواجد داخل الظاهرة بشكل معين .. ان الظاهرة هي الشكل الذي تتوضح فيها الاضداد يكيفية معينة .. ما معنى هذا ؟

معناه ان هذه الكيفية التي تتواجد فيها الاضداد معا هي التي تحدد شكل الظاهرة ، لننتبه ” الكيفية ” التي تتزاجد فيها الاضداد معا ، نظريا نقول اذا ما يلي : الظاهرة : هي مجموعة اضداد تتواجد معا بشكل معين يعطي الظاهرة معناها .

المدرسة هي عبارة عن مبان مقسمة لصفوف وادارة ، فيها مواد تعليمية وتلاميذ وكنتين ومدرسين ولها مواعيد عمل ومواقيت للحصص … الخ هذه العناصر معا تتركب لتكون ظاهرة هي المدرسة .

ماذا لو تغير تركيب مضمون الاضداد للظاهرة اي ظاهرة ؟؟ انها اشبه باحجيات تراكيب الجزيئات الكيميائية H2O جزيء ماء لكنه ليس H3O ولا HO وهو ايضا H2+O ولا H+H+O جزيء الماء تماما هو H2O .

قد نسأل وهنا يجب ان نسأل كيف ولماذا يتغير ما دام تركيب الظاهرة ثابت ؟

سؤال منطقي وفي مكانه … هي الظاهرة الجزئية بدورها هي اضداد ايضا في تركيب ظواهر اكبر ، فجزيء الماء مثلا يدخل في كل شيء تقريبا ما من ظاهرة في جسم الانسان للماء … الخ الا وتجد فيها جزيء الماء . الوجود كله هو اكبر ظاهرة ، ثم نستطيع ان نواصل تتبع سلاسل الظواهر بدون توقف ، لكن ما نلحظه من دراستنا لهذه الظاهرة كليا وجزئيا انها ليست ثابتة ، ليست في حالة سكون ، هذا ما هدا الانسان لتتبع القوانين واشتقاقها لانه يريد فهم حركة وصيرورة المادة .

لقد فهم الانسان اذا ان الظواهر الاصل فيها ان لا سكون الحركة الدائمة ثم اكتشف ان هذه الحركة الدائمة ليست اعتباطا بل هي نتاج صراع داخلي لاضداد ، فبدا عملية اكتشاف قوانين هذا الصراع على مستويات المادة المختلفة .

النتيجة : تركم المعارف الانسانية، تراكم العلوم بالذات وعلى وجه الخصوص ، الا انه كان لدينا حصيلة علمية ضخمة من القوانين تفسر جزيئات الظواهر وضرورتها . اما في دراستة الظواهر الكلية للمجتمع والتاريخ بقية نظرية المعرفة تخضع لتفاسير الفلسفة او الدينية المنفصلة عن حركة العلوم .

من هنا تنبع اهمية المادة الجدلية ، انها علمنة فهم الوجود وبالذات المجتمع وحركة التاريخ .لاحظنا قانون وحدة وصراع الاضداد ، قانون يعمل في كل الظواهر ، ان حركة الظواهر هذه لا تفسر الا بفهمنا لمكونات الظاهرة ، اي الاضداد الداخلية في التركيب ، ومن ثم فهمنا الجيد للكيفية التي تتركب فيها الظواهر لتكون الظاهرة في هذا الشكل وبالتالي نستطيع ان نحدد التغيرات الكمية ومن ملاحظتنا ، لان هذه التغيرات الكمية تتراكم تبعا لقوة الصراع وطبيعة الظاهرة عرفنا بانها تنتج تحول كيفي – نوعي – عند حد معين اي ان الظاهرة كلها تأخذ شكلا جديدا تماما تعود الاضداد لتتركب فيها بكيفيات جديدة ، وبالتالي فالظاهرة تأخذ شكلا جديدا ، فالغاز ليس هو الماء ، الماء ليس هو الجليد .

  • Social Links:

Leave a Reply