قطع شريان حياة السوريين

قطع شريان حياة السوريين

عدنان عبد الرزاق – العربي الجديد :

يبدو أنّ التجويع وزيادة نسبة البطالة ونفاد الأدوية، هي المصائر المرسومة لنيف وثلاثة ملايين سوري يقطنون المخيمات على الحدود السورية التركية، إضافة إلى النازحين بأرياف مدينتي إدلب وحلب، شمال غربي سورية.

فروسيا هذه المرة، تتعامل مع إغلاق المعبر الوحيد المتبقي للسوريين، على مبدأ “أكون أولا أكون” علّها بتجويع السوريين تزيد من فرص الأسد بالتعويم، وتمنحه عبر التحكم بجميع المساعدات الأممية الإنسانية، مزيداً من التمويل والشرعية.

بعد أن نجحت في يوليو/تموز الماضي، عبر فيتو مجلس الأمن، بإغلاق معبر “باب السلامة” أمام المساعدات الإنسانية، لتجهض قرار المجلس بمطلع العام الماضي، بقي معبر “باب الهوى”، الوحيد الذي يمد السوريين بالمناطق المحررة، بإكسير البقاء على قيد الحياة.

فمخاوف النازحين والمهجرين السوريين اليوم تتزايد، بواقع التصميم والتصريحات الروسية وحتى الصينية، قبل جلسة مجلس الأمن، في العاشر من يوليو/تموز المقبل، من أجل تجديد التصويت على القرار رقم 2533، الذي ينص على السماح بتدفق المساعدات الإنسانية إلى سورية من الحدود السورية التركية من معبر “باب الهوى” قبالة محافظة إدلب.

وسيتوقف، بحال نجحت روسيا، دخول الشاحنات الأممية من معبر “باب الهوى” السوري مقابل معبر “جيلفا جوزو” التركي القريب من محافظة إدلب (33 كيلومتراً) الذي تسيطر عليه “حكومة الإنقاذ”، بعد أن تناوب على سيطرته، عديد من القوات السورية المعارضة، منذ تحريره من سيطرة نظام الأسد عام 2012، ويغدو منذ قرار مجلس الأمن عام 2014، إضافة إلى ثلاثة معابر أخرى: “باب السلامة” مع تركيا، “اليعربية” مع العراق و”الرمثا” مع الأردن، شرايين إدخال المساعدات للسوريين.

قصارى القول:

ربما السؤال وقبل منح أنصار الأسد، بموسكو وبكين، فرصة تعطيل القرار لعدم إغلاق المعبر بوجه طعام ودواء السوريين. أليس من حلول أو طرائق، تمنع روسيا من سد بوابة الأمل، كما فعلت قبل أشهر بمعبر “باب السلامة”؟

فريق “منسقو استجابة سورية” تقدم بمقترحات يمكن أن تبعد سطوة أنصار النظام السوري، وتبقي للسوريين الذين تهجروا من بيوتهم وأراضيهم، بعض الأمل بالحياة، كأن تعود المنظمات الإنسانية العاملة في المنطقة إلى ما قبل القرار الأممي 2165 من خلال العمل بشكل خارج نطاق آلية التفويض.

كما اقترح الفريق، وفق بيان له، تحويل التمويل الخاص بوكالات الأمم المتحدة إلى منظمات دولية غير حكومية، توزع الدعم المقدم إلى الجهات المحلية من منظمات المجتمع المدني والجمعيات الإغاثية.

كما بإمكان أي دولة عضو في مجلس الأمن الدولي الدعوة إلى اجتماع استثنائي للجمعية العامة للأمم المتحدة، والتصويت على القرار الدولي لإدخال المساعدات الإنسانية عبر الحدود، وذلك خارج نطاق مجلس الأمن وبذلك يتم ضمان عدم استخدام حق النقض.

أما وإن استحالت تلك الحلول، فيمكن إنشاء صندوق للتمويل الإنساني ويكون خاصاً بسورية، بدلاً من صندوق التمويل الإنساني الخاص بالأمم المتحدة، وإنشاء كتل تنسيق رئيسية موزعة على مناطق سورية الخارجة عن سيطرة النظام السوري.

فتحقيق الهدف الروسي، وفق بيان الفريق السوري، سيؤدي إلى انهيار كامل من النواحي الاقتصادية والإنسانية، لأنّ إغلاق المعبر الأخير أمام المساعدات الأممية للسوريين، سوف يحرم 2.3 مليون نسمة من المياه النظيفة أو المياه الصالحة للشرب، وأكثر من 1.8 مليون نسمة من المساعدات الغذائية، إضافة إلى انقطاع دعم مادة الخبز في مئات المخيمات، وحرمان أكثر من مليون نسمة من الحصول على الخبز بشكل يومي.

ولم يغفل البيان آثار إغلاق معبر “باب الهوى” على زيادة نسبة البطالة التي تزيد أصلاً عن 65% شمال غربي سورية المحررة، أو ارتفاع أسعار المواد الغذائية بنسبة 300% وغير الغذائية بنحو 200%.

نهاية القول:

تشخص عيون روسيا ونظام الأسد على 6.4 مليارات دولار، هي كامل المساعدات التي أقرّها مؤتمر المانحين للسوريين هذا العام، بعد أن سيطر النظام وعبر سنوات، على حلم وأمل السوريين المتمثل بجلّ المساعدات واستخدمها لإطعام جيشه والمليشيات المحاربة، أو بيعها عبر الصالات الاستهلاكية الحكومية (كما وثّق “العربي الجديد” بالصور منذ مايو/أيار 2015).

فعدا أن حملت نظام الأسد، تعبت روسيا بواقع إفلاسه وتصميم العالم على استمرار الحصار والعقوبات، وتتطلع موسكو عبر “الفيتو” لسحب من تبقى من السوريين خارج حظيرة الأسد، إلى بيت الطاعة، وإن عبر التجويع.

ولئن تراجعت الأفعال الدولية لنصرة قضية السوريين، إلى ما بعد الإيماءة والشجب، جاء أقوى رد على “البلطجة” الروسية، أمس الثلاثاء، من سفيرة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، ليندا توماس غرينفيلد، بعد اطلاعها عن كثب، على المعبر ومعاناة السوريين “يمكن أن يتسبب إغلاق المعبر في قسوة بلا معنى”.

  • Social Links:

Leave a Reply