المعارضة السورية.. كلٌّ يدّعي “هوى سورية” -أحمد مظهر سعدو

المعارضة السورية.. كلٌّ يدّعي “هوى سورية” -أحمد مظهر سعدو

بعد فشل وانسداد الآفاق أمام المعارضة السورية، تطرح بعض النخب أفكارًا لإنتاج حالة أفضل وأكثر فاعلية، تكون قادرة على الإمساك بالعمل الوطني السوري، للخروج من حالة اللا جدوى الحالية، وتبحث في الممكن والمتاح، لإعادة الإمساك بمحددات العمل الوطني السوري، ومن ثم الانطلاق لاستيعاب المرحلة برمتها.

توجت إلى مفكرين وكتاب وباحثين وسياسيين من المعارضة السورية، للوقوف على آرائهم المتعلقة بالطبيعة التنظيمية التي يمكن العمل عليها، والآليات التي يمكن للمعارضة السورية العمل ضمنها، بما يحقق استيعاب طيف واسع من الوطنيين السوريين.

قال الأكاديمي وأستاذ الفلسفة أحمد نسيم برقاوي: “يقول فريدرش هولدرلين، شاعر ألمانيا الشهير في القرن الثامن عشر: إن الآلهة تكره النمو الذي يجيء في غير أوانه. وتناصًا مع هذا الشاعر نقول: إن التاريخ لا يطيق حمله على ما لا يطيق. فلمخاض التاريخ أوانه. ولكن شرط أن يحمل في أحشائه الممكنات القابلة للولادة. وتأسيسًا على قول كهذا نسأل: ما هو الممكن القابل للولادة؟ وما هو دور الإرادة في توليد الممكن؟ التاريخ السوري يمرّ الآن في حالة محيرة. فالجماعة الحاكمة قد تهدمت كبنية، وأشلاؤها في النفس الأخير، والتخلص من أشلاء البنية أمرٌ لا يحتاج إلى زمن طويل، واستمرار الأشلاء ما كان ليكون لولا العنصر الخارجي الروسي، العنصر الذي سيحمله التاريخ على استعادة جزء من العقلانية المفقودة”.

وأضاف: “الجماعات الإسلامية العنفية قوى لا تنطوي على أي إمكانية بقاء واستمرار، فهي حالة عابرة، ومتناقضة مع الواقع والمستقبل، فعقلها قائم في الماضي شأنها شأن أشلاء النظام. والقوى الديمقراطية-الليبرالية والشعبية المتطابقة مع منطق التاريخ الذي يحمل في أحشائه نمطًا جديدًا للدولة، هي القوى المؤهلة تاريخيًا للخلاص الوطني، فهي القوى الوحيدة القابلة، لأن تحول الإمكانية الواقعية إلى واقع. لكنها قوى تنقصها الخبرة التاريخية، وينقصها حس توحيد الإرادة، وتنقصها عبقرية الكفاح وسن أساليبه”.

وأوضح: “هنا بالذات يجب أن يعمل العقل الوطني الديمقراطي الليبرالي على خلق الشخصية المجتمعية في صورة المجتمع السياسي الحزبي، وصورة المجتمع المدني، وصورة المجتمع الأهلى للقيام بعملية احتلال المجتمع على المدى الطويل. واستغلال حال ضعف البنية المنهارة، وعجز العقل الأصولي. ولأن هذه العملية (خلق الشخصية المجتمعية) عملية طويلة، فإن الخلاص السوري هو الآخر عملية ستطول. وهنا تبرز أهمية العبقرية السياسية الوطنية وضرورتها. تقوم العبقرية السياسية المطلوبة الآن على اكتشاف الممكنات القابلة للتحقق، عبر جدل الإرادة والإمكانية والتقاطها، والعمل على تحقيقها. وبالتالي فإن الإرادة التي تكون جاهزة لامتلاك الممكن وحدها التي ترضي التاريخ الذي يأتي أوانه”.

وتابع: “كل إمكانية تهرّب من يد الإرادة تموت وتطيل أمد الأشلاء وأمد الأموات. وكل إرادة خاوية من الإمكانات إرادة لا قيمة عملية لها. ومن هنا أهمية تنظيم القوى، وتنظيم المجتمع، والاعتراف بحق الاختلاف في التعبير العملي والنظري للممارسة، مع وحدة الأهداف. فلنبحث عن الممكنات ولنجهز إرادتنا، ولتعد النخبة الوطنية للتفكير، بدلًا من أن يفكر عنها أحد”.

المعارض السوري وعضو هيئة المفاوضات محمد حجازي قال لـ (جيرون): “إن تسمية التيار هي الأفضل حاليًا. ولكن الأهم من الاسم هو المضمون، الذي يعبّر عن الهوية الوطنية حاليًا، والهوية العربية مستقبلًا، ويؤسس على القيم الإنسانية والدستور والقوانين والأعراف، في إطار حدود الله ومحرماته، وينطلق من القيم التي تساوي بين الناس في الكرامة والحرية والحقوق والفرص والواجبات في المجتمع الواحد، ولا يقبل الدولة الدينية ولا يدير ظهره للدين، ولا يرفع شعار العلمنة غير المحددة حاليًا، وهي مستوردة”،

وأضاف: “ويبني التيار الجماهير في البلدة والقرية والمنطقة والجمعية والنقابة إلى أعلى، ويعالج نفسه منذ البداية من أمراض الأنا والشلل والحزب، قبل التيار وقبل الشعب والوطن ويركز على النوعية أولًا، والناحية المادية”.

أما الباحث محمود عادل بادنجكي فقد رأى أن “الاستعصاء في الحالة السوريّة له عوامل خارجيّة وداخليّة. ولن أخوض في التفاصيل التي باتت معروفة لدى معظم السوريين. لكن أهم ما ميّز هذا الاستعصاء الداخلي، هو التنافر والارتهان والتمايز الأيديولوجي الذي لم يأخذ بالاعتبار ما يجب الالتزام به في الأوقات الحرجة، من تنحية الخلافات جانبًا لصالح الهمّ الوطني. وتبقى العلّة الرئيسيّة غياب روح العمل الجماعي، فنحن -السوريين- بارعون بالعمل الفرديّ، فاشلون في العمل الجماعيّ. وأشبّه الحالة ببراعة في لعبة التنس، وفشل في لعبة كرة القدم”.

وأكّد كذلك على أنه “ربّما هو ناشئ من تغلغل الاستبداد في تربيتنا السياسيّة والاجتماعيّة والدينيّة (مع الأسف). وباعتبار ظروف شتات السوريين ممّا لا يسمح لهم بالعمل الحزبيّ السليم القائم على البرامج والمشاريع والتحشيد في التجمّعات البشريّة، والشروط المختلفة لبلدان المهاجر واختلاف ظروفها السياسيّة والديموغرافيّة للسوريين”.

واستطرد: “بعد 7 سنوات من فشل التجارب آن لنا أن نبحث عن إطار جامع وهو (مؤتمر وطني سوري عام)، أرى جميع السوريين يدعون إليه لكن من منصّات مختلفة، (بصرف النظر عن المعيقات الخارجيّة). كلٌّ يدّعي (هوى سورية) وهم أبعد ما يكونون عن وصالها. الطريق واضحة لا نملك المركبة، ولا نستطيع السير برجلين متخالفتين، بواحدة تسير إلى الأمام، وأخرى تشدّنا إلى الوراء”.

وقال الباحث والمعارض السوري فاخر العوض: “ما أراه هو أن أي عمل منظم لمواجهة الواقع البائس للمعارضات القائمة لا ينسجم مع فكرة (تيار أو حزب أو جبهة) فأنا أرى أهمية قيام تجمع يضم كل القوى التي تعتقد نفسها معارضة للنظام، بغض النظر عن تسمية الجسم الجديد لهذا التجمع، وأن يتم تشكيل لجنة تحضيرية من ممثلي هذه القوى والأحزاب والكتل والقوى القائمة، وأن لا يتجاوز عدد هذه اللجنة التحضيرية 20 شخصًا، ويكون على عاتق هذه اللجنة التحضيرية مهمة تشكيل الجسم الجديد وتوحيد قواها. وهو الذي سيمثل قوى الشعب السوري في الخارج، ولا صوت آخر غير هذا الصوت”.

ونبّه العوض إلى ضرورة أن “يكون الباب مفتوحًا لأي قوى أخرى تؤمن بالبيان الذي يصدر من اللجنة التحضيرية هذه، للانضمام. وطبعًا الموضوع يحتاج إلى جهود كبيرة من قيادات في هذه الكتل، أو التجمعات القائمة حاليًا للتوحد تحت عباءة الجسم الجديد”.

أما المعارض السوري وعضو هيئة المفاوضات عبد المجيد حمو فاكتفى بالقول: “أرى أن من الأفضل أن يكون هناك جبهة عريضة تتحدد لها معايير متوافق عليها، ضمن الهدف المحدد لها، دون وصاية وتابعية لقوى خارجية، ودون أي تمويل تحت أي غطاء”.

  • Social Links:

Leave a Reply