_ما هو الشعر الحلمنتيشي .. ومن هم رواده؟   

_ما هو الشعر الحلمنتيشي .. ومن هم رواده؟   

شبكة الأخبار العربية 

الكلمة الساخرة ساحرة ويمكنك من خلالها قول ما تريد دون أن تتعرض لمقص الرقيب لأن الكلمة ساخرة كما أن اللغة الساخرة هي الاقرب لقلوب الناس ويمكن من خلالها مناقشة جميع القضايا حتى الشائكة منها .

والشعر الحلمنتيشي هو نوعا من الشعر تتضافر فيه العامية مع الفصحي والهزل مع الجد في توصيل الرسالة .

بداية الشعر الحلمنتيشي

وُلد الشعر “الحلمنتيشي” في مصر خلال عشرينات القرن الماضي، على يد الشاعر المصري ذو الأصل التركي، حسين شفيق، وأطلق عليه هذا الاسم، ويعرف بأنه شعر فكاهي هزلي “المنولوجي”، يجمع بين العامية والفصحى، وقد جاءت البداية الحقيقية لكتابة هذا الشعر، متمثلة في معارضة شفيق “للمعلقات” السبع، التي نُظمت في العصر الجاهلي، من خلال المحاكاة الفكاهية الساخرة لها، وأطلق عليها “المشعلقات”، وطور شفيق الشعر الحلمنتيشي بمحاكاته لأمهات القصائد، وأطلق عليها اسم “المشهورات”.حمل على عاتقه هدف التعبير عن المشاعر الخاصة، فضلًا عن وصف الحالة الاجتماعية التي يمر الناس، وهناك من دمج بين اللغة العربية والإنجليزية في نظم القصائد “الحلمنتيشية”، واشتهر في منطقة حوض البحر المتوسط، وتحديدًا في السودان ومصر، ومنها انتشر إلى كافة الدول العربية.

ويرى بعض الأكاديميون أن للشعر الحلمنتيشي جذورًا متنوعة منها ما قدمه شعراء كثيرون في الأندلس، من أشهرهم ابن قزمان، وابن دانيال، الذي عاش في نهاية القرن الـ15، وعدد كبير من الزجالين الذين عاشوا خلال حكم المماليك لمصر.فشعر “الحلمنتيشي”، وشعر الزجل بوجه عام، كان نوعا من التعبير المتحرر والبسيط والمتمرد على قصائد المناسبات الرسمية

“المشعلقات” بداية الشعر الحلمنتيشي

المعلقات السبع هي القصائد السبع الطوال التي علقت على جدار الكعبة لقيمتها الأدبية الكبيرة، هذه المعلقات وجد فيها الشاعر المصري الساخر حسين شفيق المصري مادة خصبة لسخرية فقام بمعارضة كل منها بقصيدة حلمنتيشية يسخر فيها من أشخاص أو مواقف وسمى هذه القصائد الساخرة المشعلقات التي قال في إحداها والتي يعارض فيها معلقة طرفة بن العبد :

لزينب دكان بحارة منجد .. تلوح بها أقفاص عيش مقدد

وقوفًا بها صبحي على هزازها .. يقولون لا تقطع هزازك واقعد

 

ومن  مشعلقاته اللاذعة… التي انتقد بها الاقتصاد المصري في ايامه وخضوعه للأجانب ..يقول :

وم الخواجات تأخذ كل شيء

بأسعار .. تجننا جنونا

فآبوا بالفلوس وبالهنايا

وأبنا بالشقاء مكضمينا

كبائعة مصاغا أو نحاسا

يرن غطاء حلتها رنينا

ولولا أن أوروبا علينا

لكنا قد مشينا عريانينا

ولقب “شفيق” بفارس الشعر الحلمنتيشي وهو الذي لم يتمكن من إتمام دراسته الابتدائية بسبب أصابته مرض في عينيه ولكن موهبته وقراءته حددت مسيرته فاشتغل محررًا في جريدة الجوائب المصرية، ثم محررًا في جريدة «المنبر»، ونظم قصائده الفكاهية في مجلات “الخلاعة” و”المسامير”.

أصدر جرائد فكاهية نقدية ساخرة منها: السيف (1927)، و الأيام، كما تولى رئاسة تحرير مجلة «الفكاهة» أربعة عشر عامًا وأيضا رئاسة تحرير مجلة كل شيء والعالم التي كانت تصدرهما دار الهلال ترأس جمعيات الزجل في حقبة الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، في القاهرة . وصفه الكاتب الساخر محمود السعدني بقوله : (ظل حسين شفيق المصري يتدحرج طول حياته ويتقلب في مهن كثيرة ، من كاتب محام إلى مصحح في الجرائد إلى زبون دائم في مقاهي القاهرة وعلى أرصفتها الشهيرة ، ومن خلال هذه المهن الغريبة استطاع العبقري أن يرى الحياة كما لم يرها أحد من قبل ).

رواد الشعر الحلمنتيشي

ويعد رواده الأوائل، حسين شفيق، وبيرم التونسي، وعدد من الشعراء، منهم عبد الحليم مصطفى علام، وعمر عسل، وسمير القاضي، و مصطفى رجب وسيد حجاب الذي قدم لنا قصيدة يعارض بها كبير شعراء الوطن العربي أحمد شوقي في قصيدته سلو قلبي فقال حجاب:

سلوا قلبي وقولوا لي الجوابا .. لماذا حالنا أضحي هبابا .

لقد ساد الفساد وساد فينا .. فلم ينفع بوليس أو نيابة .

وشاع الجهل حتي أن بعضا ..  من العلماء لم يفتح كتابا .

وكنا خير خلق الله صرنا .. في ديل القائمة وفي غاية الخيابة .

قفلنا البابا .. أحبطنا الشبابا .. فأدمن أو تطرف أو تغابي

أري أحلامنا طارت سرابا .. أري جناتنا أضحت خرابا .

وصرنا نعبد الدولار حتي ..  نقول له انت ماما وإنت بابا .

ومليارتنا هربت سويسرا .. ونشحت من الخواجات الديابا .

ونهدي مصر حبا بالأغاني .. فتملؤنا أغانينا اغترابا

وسيما الهلس تشبعنا عذابا  .. وتشبعنا جرائدنا اكتئابا

زمان يطحن الناس الغلابة .. ويحيا اللص محترما مهابا

فكن لصا اذا وعيش حمارا ..  وكل مشا إذا أو كل كبابا

ودس ع الناس أو تنداس حتي .. تصير لنعل جزمتهم ترابا .

أمير الشعر عفوا واعتذارا .. لشعرك فيه أجريت انقلابا .

وما نيل المطالب بالطيابة .. دي مش دنيا ياشوقي بيه دي غابة .

وعن تجربة الشاب عمرو قطامش، قدم قصيدة بعنوان “المرحوم جنيه” ينتقد فيها اجراءات الحكومة لتعويم الجنيه المصري يقول فيها:

لقد غرق الجنيه فادركوه.. وهيا الآن يا قوم الحقوه

فهب الناس وانتفضوا جميعا.. بأطواق النجاة لينقذوه

وقالوا: ما الحكاية؟ قلت: هذا.. جنيهكو، “المخستك” اسعفوه

مع “الدولار” و”اليورو” و”ين” مضى لسباحة “فاستكروده”

  • Social Links:

Leave a Reply